إنسانية وأمنية.. تداعيات الصراع الكارثي في السودان على مصر
العلاقات المصرية السودانية تواجه تحديات جديدة في ظل الأزمة السودانية الراهنة، حيث يعد السودان شريكًا رئيسيًا لمصر في عدد من القضايا الإقليمية الحساسة. تتضمن هذه المجالات دائرة دول حوض النيل ودائرة دول البحر الأحمر، ودائرة دول الساحل والصحراء. يعد الأمن والاستقرار الداخليان في السودان عاملًا مهمًا لضمان المصالح المصرية فيما يتعلق بمياه النيل والملاحة في البحر الأحمر، وكذلك أمن الحدود البرية الجنوبية لمصر.
منذ سقوط نظام الإنقاذ في أبريل 2019، كان من المتوقع أن تتجه العلاقات المصرية السودانية نحو تحسين شامل، لكن تفاقم الصراع الداخلي في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ألقى بظلاله الكثيفة على هذه التوقعات.
1. التداعيات على المستوى الأمني
الصراع المستمر في السودان يشكل تحديات أمنية خطيرة لمصر، حيث يتجاوز الصراعات المحلية السابقة في دارفور والجنوب إلى حرب أهلية شاملة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، التي تتمتع بمستوى متقدم من التسليح.
الصراع يهدد وحدة السودان وسلامتها الإقليمية، ويمكن أن يؤدي إلى انفصال مناطق متعددة في الغرب والجنوب والشرق، مما يعزز من التوترات في المنطقة بأكملها. استمرار الانقسام داخل المؤسسة العسكرية السودانية يعزز من حدة الصراع ويعقده، مما يزيد من التوترات الإقليمية ويعرض أمن مصر للمخاطر.
الصراع في السودان يتفاعل مع الصراعات المجاورة مثل الأزمة في السودان الجنوبي والتوترات في تشاد وليبيا، مما يعزز من الاضطرابات الإقليمية ويؤثر سلبًا على الأمن البحري في البحر الأحمر.
2. التداعيات على المستوى السياسي
الصراع المستمر في السودان يُطيل من غياب حكومة توافقية قادرة على تمثيل مختلف الأطراف السودانية داخليًا وخارجيًا، مما يجعل الصراع يعيق فرص التنسيق الفعال بين مصر والسودان في قضايا مياه النيل، خاصة مع تهديد اتساع نطاق الصراع ليشمل منشآت حيوية مثل السد العالي، ما يهدد بتأثيرات خطيرة على سلامة هذه المنشآت. بالإضافة إلى ذلك، يُعيق الصراع التقدم في مفاوضات سد النهضة، حيث أدى التنسيق السوداني المصري في السابق إلى تعزيز الضغوط الدولية على إثيوبيا.
كما أن استمرار الصراع يفتح الباب أمام التدخلات الدولية والإقليمية في السودان، سواء من خلال مبادرات التسوية الإقليمية أو من خلال دعم دول شرق أوسطية ودول الجوار الأفريقي. هذه التدخلات قد تزيد من تعقيد الوضع السياسي وتعرض استقرار السودان ومصر للمخاطر.
3. التداعيات على المستوى الاقتصادي والإنساني
الصراع المستمر في السودان يتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة لمصر، حيث كان السودان من أهم وجهات الصادرات المصرية ومصدرًا رئيسيًا للحاصلات الزراعية. كما يعرض استمرار الصراع الاستثمارات المصرية في السودان للخطر، ما يُضعف النشاط الاقتصادي ويُزيد من الغموض بشأن المستقبل الاقتصادي للبلدين.
إلى ذك، فإن الأزمة الإنسانية تزداد تعقيدًا مع تدفق اللاجئين السودانيين إلى مصر، حيث تُقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 270 ألف لاجئ. هذا الوضع يضع ضغوطًا إضافية على الموارد الاقتصادية والاجتماعية في مصر، ويزيد من التحديات الإنسانية التي تواجه الحكومة والمجتمع المصري.