قمة دول جوار السودان.. سودانيون: الإخوان وراء تعثر الهدنة.. ولا بد من جيش واحد
كشف خبراء وسياسيون سودانيون، لـ«الدستور»، عن تعثر عملية التوصل إلى هدنة طويلة الأجل فى السودان، تساعد فى إيجاد حل سياسى ينهى الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل الماضى بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع المتمردة.
وقال الأكاديمى السودانى محمد تورشين إن أسباب تعثر الهدنة طويلة الأجل فى السودان ترتبط بطرفى الصراع، خاصة «الدعم السريع»، مؤكدًا: «أى التزام بهدنة طويلة الأمد سيحقق مكاسب للمواطن السودانى، مثل الحصول على الإغاثة وفتح الممرات الإنسانية لإسعاف المرضى والجرحى وعودة الخدمات الطبية، وخروج الدعم السريع من المراكز والمستشفيات».
وأوضح «تورشين»: «هناك إشكالية تتعلق بخروج الدعم السريع من الخرطوم؛ فلم تحدد مناطق الخروج والمقرات التى ينبغى أن تذهب إليها قوات الدعم السريع، بإشراف من قِبل الوساطة وبعض المنظمات الإقليمية».
وأضاف: «فى تقديرى، أرى أن السبب الرئيسى فى الخلاف هو التحفظ على المبادرة السعودية- الأمريكية، فضلًا عن أن الاتحاد الإفريقى جمّد عضوية السودان منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر.. وأطراف الوساطة لم تعد فاعلة، وغير قادرة على ممارسة ضغوط حقيقية على أطراف الصراع».
وقال السياسى السودانى إن «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، جناح عبدالعزيز الحلو، دخلت على خط الصراع حينما هاجمت قوات الجيش، فقد استفادت من انشغال الجيش السودانى فى المعارك التى تجرى الآن فى الخرطوم وبعض المدن الأخرى، لتحقيق انتصارات والتقدم على صعيد العمليات.
وتوقع «تورشين» أن تعيد الحركة الشعبية النظر فى كثير من التفاصيل، وربما فى هذه التحركات ضد الجيش واستهدافه، لأن تلك التحركات كانت مرتبطة بشكل أو بآخر بتحسين مواقعها للتصدى لأى هجوم أو محاولة للسيطرة والتأثير عليه.
وأكد زيادة التعقيد فى المشهد السياسى، قائلًا: «البلد أصبح الآن منهارًا، والأزمات الإنسانية بالغة الخطورة، كما أن هناك انهيارًا كاملًا فى بعض المناطق وغياب الخدمات والسلع الأساسية، فضلًا عن أن الصراع سيؤثر بشكل كبير على مصير عشرات الآلاف من المدنيين وكذلك المهددين بالموت جوعًا».
وأشار إلى أن تداعيات الصراع على دول الجوار ستكون كبيرة جدًا، باعتبار أنها تتلقى تدفقات كبيرة جدًا من اللاجئين، فضلًا عن ذلك فكل الدول المجاورة للسودان، باستثناء مصر، تعانى من اضطرابات عسكرية وسياسية، وربما استمرار تعقد المشهد فى السودان سيؤثر على الدول بشكل مباشر، فى إعادة تجدد المواجهات المسلحة، سواء كان فى تشاد أو إفريقيا الوسطى وربما فى إثيوبيا؛ فالقضية معقدة ويتداخل فيها كثير من العوامل، ولا شك أن استمرار القتال سيلقى بظلاله على الأزمات الأخرى فى الدول المجاورة.
وتابع: «السودانيون يطالبون المجتمع الدولى بأن يمارس الضغط على الدعم السريع بشكل مباشر، وأن يجرى دمج العناصر التى لم ترتكب جرائم ضد الإنسانية منهم، وتقديم كل المتهمين الذين ارتكبوا جرائم إلى العدالة، كمرحلة أولى من أجل بناء هذا البلد».
من جهته، قال السياسى السودانى محمد حسن بوشى، إن الهدنة فى السودان تتعثر بسبب وجود طرف ثالث فى المعركة، وهو الإخوان فى السودان أو النظام البائد الذى أُسقِط بثورة شعبية، ويريد العودة للسلطة مجددًا عن طريق تدمير السودان، فهو الذى يقف أمام نجاح أى هدنة، لأنه ليس من مصلحته توقف الحرب، فإما أن يعود للسلطة أو سيدمر الدولة.
وأضاف «بوشى» أن هناك أطرافًا جديدة إقليمية وإفريقية دخلت على خط الوساطة لإنهاء الأزمة، فقد تقدم الاتحاد الإفريقى بمقترح للحل، وكذلك تقدمت مصر بمقترح نقل المفاوضات إلى القاهرة.
وأكد: «أعتقد أن الحلين (الإفريقى والمصرى) يستهدفان دعم السودان، وأرى أن أى حل سيكون مناسبًا بالنسبة للسودانيين، بشرط توقف الحرب، وإعادة حق تقرير المصير للسودانيين، والتأكيد على أن السودان له جيش واحد فقط».
وتابع: «لا نريد توقف الحرب فقط وأن يعود الوضع كما كان عليه بوجود قطبين أو جيشين، بل نريد أن يكون للسودان جيش واحد، وأن يدمج الدعم السريع مع الجيش، على أن يجرى تسريح من ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب بحق المواطنين».
وأشار إلى أن تلك الحرب أشعلها جنود الميليشيات، خاصة الدعم السريع، وبالتالى يجب أن يجرى الاتفاق على خريطة طريق واضحة سياسيًا للعودة إلى مدنية وديمقراطية الدولة فى الفترة الانتقالية، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات حرة نزيهة.