البابا فرنسيس يلتقي أعضاء السلك الدبلوماسي بالمجر
بدأ البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، صباح الجمعة زيارته الرسولية إلى المجر، التي تستمر يوم الأحد المقبل.
لدى وصوله إلى بودابيست توجه البابا من المطار إلى قصر ساندور حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمي قبل أن يقوم بابا الفاتيكان بزيارة مجاملة إلى رئيسة البلاد السيدة كاتالين نوفاك ويلتقي برئيس الوزراء فيكتور أوربان. بعدها توجه فرنسيس إلى دير سابق في العاصمة المجرية حيث كان له لقاء مع السلطات وأعضاء السلك الدبلوماسي والمجتمع المدني.
وجه بابا الفاتيكان للحاضرين خطابا استهله موضحا أن بودابيست هي عاصمة نبيلة وزاخرة بالحياة ومكان مركزي في التاريخ، وقد شهدت تحولات مهمة على مر القرون، فهي مدعوة لأن تكون عاملا رئيسيا في الحاضر والمستقبل.
ولفت إلى أن المدينة نشأت في زمن السلام، ثم اختبرت صراعات مؤلمة: ليس فقط غزوات الأزمنة البعيدة، ولكن في القرن الماضي اختبرت العنف والقمع الناجم عن الديكتاتوريتين النازية والشيوعية.
وأضاف أن ولادة هذه العاصمة الكبيرة في قلب القارة تذكر بمسيرة أوروبا نحو الوحدة، وفيها وجدت المجر أساسا حيويا لها، لكن يبدو أننا نشهد اليوم غروبا حزينا لحلم جوقة السلام، ويبدو أن الحماس لبناء هيئة أمم مسالمة ومستقرة قد تشتت في النفوس.
وذكر البابا فرنسيس في هذا السياق بأن السلام لن يأتي أبدا من السعي وراء المصالح الإستراتيجية الخاصة، بل من السياسات القادرة على النظر إلى الكل، إلى تنمية الجميع، والتي تهتم بالأشخاص، وبالفقراء وبالمستقبل وليس بالاهتمام فقط بالسلطة والمكاسب وفرص الحاضر. بعدها شدد البابا على ضرورة أن تجد أوروبا روحها من جديد، حماسة وحلم الآباء المؤسسين، ورجال الدولة الذين استطاعوا النظر إلى ما بعد زمانهم، وإلى ما وراء الحدود الوطنية واحتياجاتها المباشرة، فتنشئ دبلوماسيات قادرة على ترميم الوحدة، وليس على توسيع الشقوق.
هذا ثم أشار البابا إلى أن بودابست هي أيضا مدينة الجسور مشيرا إلى أن الجسور، التي تربط الحقائق المختلفة، تقترح أيضا أن نفكر في أهمية الوحدة التي لا تعني التسوية، وحتى أوروبا المكونة من سبع وعشرين منطقة، والتي تم إنشاؤها لبناء الجسور بين الدول، تحتاج إلى مساهمة الجميع دون التّقليل من أهمية أي بلد منها. وحذر البابا من مغبة أن تصير أوروبا فريسة للشعبويات ذات المرجعية الذاتية، مشيرا إلى أن هذا هو طريق «الاستعمارات الأيديولوجية»، المشؤومة، التي تقضي على الاختلافات. وقال: كم هو جميل بناء أوروبا على الشخص وعلى الشعوب، حيث توجد سياسات فعالة للمواليد والعائلة، يتم متابعتها بعناية في هذا البلد، وحيث الدول المختلفة تشكل عائلة، يتم الحفاظ فيها على نمو وفرادة كل واحد منها.
تابع البابا خطابه قائلا إن بودابست هي مدينة القديسين، ويتوجه الفكر نحو القديس إسطفانس، أول ملك للمجر، الذي عاش في عصر كان فيه المسيحيون في أوروبا في شركة ووحدة كاملة. وتوقف بعدها عند دستور البلاد الذي يقر باحترام حرية وثقافة الشعوب الأخرى، والالتزام بالتعاون مع جميع شعوب العالم". ويؤكد أيضا أن "الأقليات القومية هي جزء من الجماعة السياسية المجرية، وهي أجزاء مكونة للدولة"، ويشدد على "رعاية وحماية اللغات والثقافات للأقليات القومية في المجر". وقال البابا إن النص الدستوري، بكلمات قليلة وحاسمة ومليئة بالروح المسيحية، يؤكد أيضا على أن مساعدة المحتاجين والفقراء هو واجب ملزم.
بعدها توجه البابا إلى الحاضرين قائلا لهم: السلطات المحترمين، أود أن أشكركم على تعزيز ودعم أعمال المحبة والتربية المستوحاة من تلك القيم والتي بها يلتزم المجتمع الكاثوليكي المحلي، والذي يقدم أيضا الدعم العملي لمسيحيين كثيرين مروا في محنة في العالم، خاصة في سورية ولبنان ومن المهم أن يتذكر ذلك كل مسيحي، ويعتبر الإنجيل هو المرجعية، وأضاف فرنسيس أن العلمانية السليمة أمر جيد، على ألا تقع في النزعة العلمانية المنتشرة، التي تظهر حساسية معادية لكل شيء مقدس، ثم تضحي بنفسها على مذابح الربح. من يعترف بأنه مسيحي، ويرافقه شهود الإيمان، مدعو بصورة رئيسية إلى أن يشهد ويسير مع الجميع، وينمي روحا إنسانية مستوحاة من الإنجيل ومؤسسة على خطين أساسيين: أن نعترف بأننا أبناء يحبنا الآب وأن نحب كل واحد مثل أخ لنا.
في ختام كلمته إلى السلطات وأعضاء السلك الدبلوماسي والمجتمع المدني في المجر ذكر البابا فرنسيس بالعديد من القديسين والطوباويين الذين عاشوا في تلك الأرض، وقال إنه يوكل إليهم مستقبل هذا البلد العزيز معبرا عن قربه وصلواته من أجل كل أبناء المجر، موضحا أنه يفكر خصوصا في الذين يعيشون خارج الوطن، والذين قابلهم في حياته وأعطوه شعورا جيدا جدا.