بعد الانتصارات المتوالية لـ«طالبان وداعش».. أمريكا تغير استراتيجيتها العسكرية
يتزامن الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق وأفغانستان، مع تصاعد قوة الهجمات الإرهابية التي يشنها تنظيمي داعش وطالبان، ما يستدعي تعديلًا استراتيجيًا في خطط واشنطن للبقاء في المنطقة وحماية مصالحها من جهة، والإبقاء على توازناتها العسكرية أمام الصين وروسيا.
وتشير توقعات الخبراء إلى أن أميركا، ستعيد توزيع قواتها ضمن صراعها الجيوسياسي مع روسيا والصين وإيران، بما يحفظ بقاءها في سوريا والعراق في شكل "الحليف" و"مهام تدريب"، لحفظ التوازن مع منافسيها الدوليين من ناحية، وتقديم الدعم لحلفائها مثل الحكومة العراقية والأكراد في الحرب ضد داعش من ناحية أخرى، ما يفيدها أيضا في تقليل خسائرها المادية والبشرية.
وحذر فريق "مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة"، الأسبوع الماضي، من انتكاسات في العراق وسوريا حال الانسحاب الأميركي مع بقاء داعش، مستدلا بمعلومات عن تطور عمل التنظيم المرتكز على نقاط الضعف الأمني في البلدين، ما يسمح له بشن هجمات والاختباء في ملاذات آمنة.
وعلى مدار اليومين الماضيين، شهد العراق هجمات لداعش قتلت 19 شخصا وجرحت 23 في بعقوبة والأنبار وصلاح الدين، ما دفع الجيش العراقي لتمشيط الوديان حيث تتواجد بقايا التنظيم الذي هاجم أيضا مواقع عسكرية في الرقة شمالي سوريا الشهر الماضي.
وأكد أغلب الخبراء أن أمريكا تتبع مبدأ "لا خروج كامل ولا بقاء كثيف" في خطة الانسحاب الأميركي من العراق وسوريا، والذي يحتم احتفاظ واشنطن بقوات محدودة في البلدين لمهام تنسيقية وتدريبية من الموجهين الجويين وقوات تأمينية للقوات الاستخبارية والعسكرية الباقية لدعم العمليات ضد داعش في البادية السورية وصحراء الأنبار غربي العراق ونينوى شمالا.
وستركز أمريكا في محاربة الإرهاب على قاعدتها العسكرية عند معبر التنف جنوب شرق سوريا، نظرا لوجودها عند مثلث الحدود الخطير بين الأردن وسوريا والعراق، وقربها من مدينة البوكمال في دير الزور بسوريا ومناطق الأنبار العراقية، إضافة إلى أن الأردن حليف لأميركا في الحرب ضد داعش، ما يزيد من أهمية القاعدة.
ويعد اتجاه أمريكا إلى التنف هدفه كذلك خفض تكلفة الحرب التي قدرت بـ1.7 تريليون دولار، وتقليل عدد الجرحى الأميركيين، لاحتفاظ الأردن بقدر كبير من الاستقرار، وإثبات بايدن أمام العالم التزامه بفك الارتباط بشأن بقاء قواته في سوريا والعراق.
وخلص الحوار الاستراتيجي بين بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في واشنطن الأسبوع الماضي، إلى الاتفاق على التعاون ضد الإرهاب، مع مواصلة تقديم أميركا المساعدة بالتدريب، علما أنه حاليا يتواجد 2500 جندي أميركي بالعراق.
بينما تحدثت وسائل إعلام أميركية عن نية بايدن للإبقاء على 900 جندي في سوريا لتقديم العون لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" ذات الأغلبية الكردية في سوريا دون المشاركة في قتال، وتوجيه ضربات لتأمين حقول النفط شمال شرقي البلاد، ومنع إنشاء ممر إيراني بري يربط ما بين طهران والبحر المتوسط مرورا بالعراق وسوريا ولبنان.