الجارديان: زيارة بايدن لكييف تؤكد إصرار الغرب على استمرار دعمها
أشار مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، إلي أن الزيارة غير المعلنة التي قام بها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لأوكرانيا أمس الاثنين، تؤكد إصرار الدول الغربية على تقديم كافة أشكال الدعم اللازم لكييف لتعزيز قدرتها في مواجهة القوات الروسية خلال الحرب المشتعلة في الوقت الراهن بين الطرفين.
ويوضح المقال، الذي كتبه الصحفي أندرو روث، إلى أن تلك الزيارة تبعث برسالة واضحة لروسيا أن الدعم الغربي لأوكرانيا لم ولن يتراجع، موضحًا في الوقت نفسه أن زيارة بايدن لم تلق أي ترحيب من جانب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والذي يستعد لإلقاء كلمة للشعب الروسي في وقت لاحق اليوم الثلاثاء بمناسبة الذكرى الأولى للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا التي تحل في 24 من فبراير.
اقرأ أيضًا: ترامب: المساعدات العسكرية الأمريكية لـ«كييف» تطيل أمد النزاع في أوكرانيا
ويؤكد المقال في هذا السياق أنه من المقرر أن يلقي الرئيس بوتين كلمة للشعب الروسي من داخل البرلمان بمناسبة حلول الذكرى الأولى للعملية العسكرية الروسية كما أنه من المتوقع أن تقام احتفالات غنائية في وقت لاحق اليوم، يعقبها غدًا الأربعاء، لقاء غير عادي لمجلس النواب في الجمعية الاتحادية الروسية ومجلس الاتحاد الروسي .
ويقول المحللون، كما يشير الكاتب، إنه من المتوقع أن يهاجم الرئيس الروسي خلال كلمته الدول الغربية وأن يقوم بتصوير الموقف الراهن في أوكرانيا على أنه حرب بين روسيا والدول الغربية وليست مجرد حرب تشنها روسيا ضد أوكرانيا.
ويوضح الكاتب إن موسكو استقبلت زيارة بايدن بصمت تام على الرغم من عدم رضائها عنها حيث إنها تأتي في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة عن مزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، تصل قيمته إلى ما يربو على 500 مليون دولار، بالإضافة إلى فرض المزيد من العقوبات على روسيا بنهاية الأسبوع الحالي.
ويعبر الكاتب عن رأيه أن الكرملين يمر حاليًا بمرحلة معقدة فيما يخص الحرب في أوكرانيا ولاسيما في أعقاب الهجمات العنيفة والمكثفة التي شنتها القوات الروسية على العديد من المناطق في أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية وفي ظل توقعات بقيام القوات الأوكرانية بتوجيه هجمات مضادة على مواقع روسية.
ويلفت المقال إلى أن زيارة بايدن أمس لأوكرانيا تؤكد في الوقت نفسه، تقدير روسيا للموقف الأمريكي من الحرب في أوكرانيا وأن موسكو لا تحارب القوات الأوكرانية فقط بل تحارب الدول الغربية مجتمعة على الأراضي الأوكرانية.
ويقول الكاتب في ختام المقال إن الزيارة يمكن النظر إليها كذلك من منظور الانتخابات الأمريكية المقبلة حيث يسلط الضوء على تصريحات محللين سياسيين يعربون فيها عن رأيهم أن تلك الزيارة قد تعد بداية موفقة لبايدن من أجل إعادة ترشيحه لفترة ولاية ثانية.
وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم 23 على التوالي، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم.
واكتسب الصراع الروسي منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين.
وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.
وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق".
ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة".
وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه.
وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة.
ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا".
إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض.
وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة".
وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف.
وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.
وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.
وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير لـ"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي.
إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت".
لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية وأوكرانيا أيضًا.
ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.