الخطوات التى طال انتظارها
جدول أعمال نتنياهو دومًا مزدحم، ولكن بأجندة خاصة، فبينما تهتم الحكومات بغزة والفلسطينيين، يهتم نتنياهو بإيران، وبينما تهتم الحكومات بالاقتصاد، يهتم نتنياهو بجولاته فى العالم التى يتحرك فيها كوزير خارجية، وهو أيضًا يهتم بالاقتصاد، مَن منّا يمكن أن ينسى مقاطع الفيديو المصورة داخل الـ«هايبر ماركت» الكبير. من الصعب تذكر كيف كانت أجندة الحكومات الأخرى، منذ ١٤ عامًا لم نرَ إلا نتنياهو فى مكتب رئيس الوزراء، فقط عام ونصف العام قضيناها مع لابيد وبينيت، ومن الصعب رصد اختلافات دقيقة بين أجندتهما وأجندة «بيبى».
أجندة نتنياهو الخاصة توجد بها مكانة مهمة لخطوتين، الأولى هى زيارة الإمارات، والثانية هى التطبيع مع السعودية، الأولى كتصحيح وضع فى الماضى، والثانية كخطوة للمستقبل.
نتنياهو هو مَن عقد اتفاق التطبيع مع الإمارات فى سبتمبر ٢٠٢٠، بالمشاركة مع الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، هما من كسرا الجمود القائم بالفعل لسنوات، لكن نتنياهو، «المُحب» للكاميرات التى تصاحبه أثناء هبوطه من الطائرة وصاحب الكاريزما الخاصة فى توجيه خطابات للعالم، لم يحظ بالصورة التى كان يتمناها، فلم يَزُر الإمارات قط، هو من حقق الاتفاق، لكن نفتالى بينيت هو من جلس فى أبوظبى أمام عدسات الكاميرات وحظى بلقب أول رئيس وزراء إسرائيلى يزور الإمارات العربية المتحدة بعد إقامة العلاقات. تمت هذه الرحلة فى ديسمبر ٢٠٢١، ثم قام الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج بزيارة دولة إلى البحرين وأبوظبى فى ديسمبر ٢٠٢٢.. هل يمكن أن ينسى نتنياهو ذلك؟
منذ عودته إلى الحكم يتردد الحديث عن توجيه دعوة لنتنياهو لزيارة الإمارات، وبالفعل تلقى دعوة فى أوائل العام، والتى كانت من المفترض أن تكون أول رحلة خارجية له، ولكن تم إلغاؤها حسبما تردد بسبب تصريحات وزير الأمن الداخلى «إيتمار بن غفير».
هذه المرة الحديث يدور عن دعوة لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «COP 28» فى دبى فى نوفمبر وديسمبر، وقد سلّم الدعوة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى إسرائيل محمد محمود الخاجة، الذى التقى نتنياهو فى مكتبه فى القدس.. ووقّع الرسالة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يشارك وفد من حوالى ١٠٠ شركة إسرائيلية فى «COP 28» من خلال معهد التصدير الإسرائيلى. إذا تمت دون مفاجآت حتى نوفمبر، فقد تتحقق الخطوة التى انتظرها نتنياهو طويلًا.
الخطوة الثانية التى يرغب نتنياهو بها هى تحقيق اتفاق التطبيع مع السعودية، بأى شكل، ولكن ليس بأى ثمن، ما تردد هو أن مطالب السعودية من الولايات المتحدة هى ما تعوق إتمام التطبيع، والحديث يدور عن تطوير قدرات نووية للسعودية، فيما رفضت الولايات المتحدة، ورفضت إسرائيل لمخاوف من بدء سباق تسلح نووى فى المنطقة، لذا فالتقدم مُعلق، لكن الأحاديث لا تزال جارية فى الكواليس، ويمكن أن تفضى إلى نتائج فى أى لحظة.
تحدث نتنياهو وولى العهد السعودى قبل وبعد اجتماع جامعة الدول العربية مرتين لمناقشة التطبيع الإسرائيلى السعودى، حسب مصدر دبلوماسى أجنبى، حيث قام وزير الخارجية البحرينى عبداللطيف بن راشد الزيانى بترتيب تلك المكالمات، وحسب المصدر فإنه لم يتم إحراز أى تقدم فى المحادثات، ورفض محمد بن سلمان طلب نتنياهو للقاء، الخطوة الثانية ليس واضحًا ما إذا كانت ستتحقق أم لا، لكنه لا يزال ينتظرها.