الربيع الأمريكى والحقوق الزائفة
هل سينقلب السحر على الساحر، وهل ستتجرع أمريكا مرارة الكئوس التى صنعتها للشعوب العربية عندما أطلقت عليها مصطلح الربيع العربى عندما خططت لإحداث فوضى فى هذه الشعوب بداية من دعم التظاهرات الطلابية والجمعيات الحقوقية وانتهاء بتمويل الميليشيات الدموية لإسقاط الأنظمة وإحداث خراب وفوضى تتجرع مرارتها معظم الدول العربية التى اندفعت بطريقة غير مدروسة إلى تنفيذ الأجندات الأمريكية الماكرة، ولعل ما يحدث فى الجامعات الأمريكية هو خير دليل على هشاشة ودكتاتورية النظام الأمريكى ضد الحريات النى طالما صدعونا بها منذ منتصف القرن الماضى.
وهاهم يسقطون أمام أول اختبار يقوم به معتصمون بجامعة كولومبيا ينتمون لخلفيات عرقية ودينية مختلفة ولا يقودها أحزاب بعينها وقد أدى تدخل الشرطة لفض الاعتصام، واعتقال الطلاب بجامعة كولومبيا إلى تنظيم عشرات الاحتجاجات المماثلة فى جامعات من كاليفورنيا إلى بوسطن.
والغريب فى الأمر أن رئيسة الجامعة نعمت شفيق التى تعرضت للانتقاض من مجلس إدارة الجامعة ذاتها ما زالت تصر على إزالة الخيام التى نصبوها الطلاب فى حرم الجامعة، وحثتهم على إنهاء احتجاجهم طوعًا وإلا سيُفصلون من الجامعة. ومما زاد الأمر سوء إصرار جامعة كولومبيا فى بيان صدر لها يوم الإثنين الماضى أن الجامعة لن تسحب استثماراتها فى الأصول التى تدعم الجيش الإسرائيلى، رغم أنه أحد أهم المطالب الرئيسية للمحتجين، وذرًا للرماد فى العيون وإمعانًا فى التضليل فقد عرضت الجامعة الاستثمار فى الصحة والتعليم فى غزة، التى تم هدم معظم المستشفيات بها وقصف مدارس الأنروا على رؤوس النازحين، أى أن الاستثمار فى هذين المجالين بالذات مردودًا عليهم من المتظاهرين بأن إنهاء احتجاجهم مقترن بتلبية 3 مطالب لهم وهى سحب الاستثمارات والشفافية فيما يتعلق بالشئون المالية للجامعة والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين خضعوا لإجراءات تأديبية بسبب دورهم فى الاحتجاجات. وقد أدت الاعتقالات بحق الطلاب والأساتذة إلى إصدار بيان مشترك من تحالف (نزع الفصل العنصرى بجامعة كولومبيا) أكد فيه أن «أساليب التخويف المثيرة للاشمئزاز لا تعنى شيئًا مقارنة بمقتل أكثر من 34 ألف فلسطينى. مؤكدين أنهم لن يتحركوا حتى تلبى كولومبيا مطالبهم أو يحركوهم بالقوة». ولعمرى هذا هو أول مسمار يدق فى نعش الحريات الأمريكية المزعومة، وهذه التظاهرات الطلابية أفقدت توازن المجرم المتعجرف النتن ياهو الذى أكد أن هذه الاحتجاجات خطر على الديانة اليهودية وفضيحة للكيان المحتل فى نفس الوقت الذى كسبت القضية الفلسطينية تعاطف كل احرار العالم، وسقطت الإدارة الأمريكية فى منحدر لن تقبل بأقل من رحيل بايدن وادارته الخائنة للعهود والمواثيق والحقوق التى تتحدث بها وتعمل بعكسها أو تعم الاحتجاجات عموم المؤسسات الأمريكية وتنتهى بربيع يثلج ويشفى صدور قوم مؤمنين وغير المؤمنين أيضاً.