أسامة عجاج يكتب: العلاقات المصرية السعودية رؤية من قريب
هي كلمة حق من متابع الشأن العربي منذ حوالي أربعين عامًا بصفة عامة، ومسار العلاقات المصرية السعودية بصفة خاصة وكان لي شرف أن اكون ضمن أول وفد صحفي زار السعودية حتي قبل استئناف العلاقات في الثمانينات.
وأقول وبكل الصدق إن العلاقات بين مصر والسعودية تمثل وبصدق أفضل النماذج للعلاقات بين دولتين مهما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال فهما رمانة الميزان، ويتمتعان بثقل ودور محوري وقيادي في استقرار المنطقة، ورغبتهما في تعزيز الدور العربي، وحل القضايا العالقة بالمنطقة ومواجهة التحديات.
أقول ذلك اعتمادًا علي وقائع الماضي والحاضر، والتي تفيد في فهم مدي تجذر تلك العلاقات بين دولتين واتوقف عند العديد من الوقائع والمحطات التاريخية، آخرها القراءة الدقيقة للبيان الختامي لأعمال ونتائج الجولة الخامسة لاجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسي بين وزيري خارجية كل من مصر سامح شكري والسعودية الأمير فيصل الفرحان، في بداية الشهر الماضي فقط، والتي أظهرت تنسيقا على أعلى مستوى بين البلدين تجاه كافة القضايا المطروحة على الساحة. كما أن واقع العلاقات المصرية السعودية يتم رصده، من الموقف التاريخي للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، في دعم خيارات الشعب المصري في يونيه ٢٠١٣، والذي حرص على إعلان الموقف السعودي علنا وعلى رؤوس الأشهاد، بل حرص على زيارة خاطفة لمصر، رغم ظروفه الصحية، والتحرك العظيم للأمير سعود الفيصل الذي جاب عواصم القرار في العالم، في محاولة إيصال رسالة للجميع، بأن ما حدث خيار مصري مائة بالمائة، ويحتاج مزيدًا من الدعم ومن المساندة، هذا الموقف الذي استمر بعد تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان المسئولية، في تعدد الزيارات على مستوى قيادتي البلدين، سواء في القاهرة أو الرياض، أو على هامش مؤتمرات دولية، وكذلك الاجتماعات على المستويات الوزارية، وفي ارتفاع معدلات الاستثمارات السعودية، وحجم التبادل التجاري، وزيادة الودائع السعودية لدي البنك المركزي المصري.
عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، يظهر من واقع الموقف السعودي الداعم لمصر في مؤتمر الخرطوم أغسطس ١٩٦٧، عندما أمر الملك فيصل بتجميد كل المشروعات التي يمكن أن تنتظر قليلًا، لتوفير الدعم والمساعدة لمصر بعد عدوان يونيه ١٩٦٧، ويظهر أيضاً في موقف الرئيس الراحل حسني مبارك في أغسطس ١٩٩٠، عندما انحاز إلى الحق الكويتي تجاه الغزو العراقي، وفي الاستجابة الفورية لطلب المملكة العربية السعودية، بتواجد قوات مصرية على أعلى مستوى من التدريب والكفاءة، بهدف الدفاع عن الامن القومي السعودي، في لحظة فارقة في التاريخ العربي.
العلاقات المصرية السعودية، يجسدها آلاف المصريين العاملين في السعودية منذ السبعينات، وما قبلها، والذين يسهمون في تقدم وازدهار هذا البلد الشقيق، يعيشون بين أهليهم في المملكة، وفي الآلاف من أجيال سعودية درست وتعلمت في مصر، أو على أيدي مدرسين مصريين .