الأحد 8 سبتمبر 2024 مـ 04:56 صـ 4 ربيع أول 1446 هـ
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
موقع هدف
رئيس مجلس الأمناء مجدي صادقرئيس التحرير محمود معروفأمين الصندوق عادل حسين

باسل عادل: برلمان الإخوان كان أشبه بالتنظيم السرى ونوابه كانوا يسبوننا قائلين «يا كفرة»

باسل عادل
باسل عادل

قال باسل عادل، مؤسس ورئيس كتلة الحوار، إن الإخوان لم يظهروا فى مشهد ثورة يناير ٢٠١١ إلا بعد انتهاء الاشتباكات مع قوات الأمن، من أجل سرقة الثورة وركوب الميدان، الذى لم يدخلوه إلا بعد عصر يوم ٢٨ يناير، مضيفًا أنهم استغلوا عدم كفاءة الرموز السياسية بعد الثورة، التى لم تكن على قدر الحدث التاريخى الذى تمر به مصر، حتى استولوا على البرلمان، الذى كان أشبه بغرفة مغلقة لتنظيم سرى لا علاقة له بمصر والمصريين.

وأوضح السياسى والبرلمانى السابق، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد» الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن مواجهاته مع نواب الإخوان والجماعات الإسلامية فى البرلمان كانت خير شاهد على النزعة الإقصائية لدى هؤلاء، مبينًا أن كثيرًا من قراراتهم وتشريعاتهم كانت «شعبوية» وتتم دون أى دراسة، حتى إنهم كانوا يفصّلون تشريعات مخصوصة للإفراج عن بعض عناصرهم بالسجون.

ونوه بأن قيادات الجماعة داخل البرلمان، وعلى رأسهم سعد الكتاتنى وعصام العريان، كانوا يؤكدون له أنهم سيحكمون مصر لمدة ٥٠٠ سنة، ويقولون: «البلد بتاعتنا»، مشيرًا إلى أنهم خططوا لعزل شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، وأسسوا «لجنة الخمسين» لوضع دستورهم فى ليلة وضحاها، تمهيدًا للاستمرار فى حكم مصر للأبد.

■ فى البداية كيف دخلت إلى العمل السياسى؟

- بدأت العمل السياسى فى عام ٢٠٠٣ كعضو مؤسس فى حزب «الغد»، مع رئيسه وقتها الدكتور أيمن نور، وتدرجت فى الحزب بداية من أمين تنظيم إلى سكرتير عام مساعد، ثم رئيس لجنة التثقيف، وكان لدىّ نشاط كبير فى ذلك الوقت داخل الحزب.

وبعد ذلك شاركت فى العديد من الحركات الاحتجاجية مع حركات «من أجل التغيير» و«كفاية» وأيضًا «٩ مارس»، ثم انضممت لحزب «الوفد»، وساعدت فى إعداد برامج الانتخابات لكنى لم أشارك بها.

وقبل أحداث ٢٥ يناير لم أدعُ إلى الثورة، لأنى لم أكن أصدق، وكنت وقتها عضوًا فى حركة «كفاية»، لكن لم أكن أشارك فى أى من الفعاليات، لأنه كانت هناك موجة من الإحباط، فقد كنا نبذل مجهودًا كبيرًا جدًا خلال الفترات السابقة لكن لم يحدث أى تغيير.

ولذلك نزلت يوم ٢٥ يناير بشكل فردى ليلًا، وبدأوا وقتها يذيعون أنهم سيرشون المتظاهرين بالمياه حوالى الساعة الـ١٢ ليلًا، وأن على الناس مغادرة الميدان، وكنت قبلها قد كلمت أصحابى فى الوقفة على سلم نقابة الصحفيين، وشعرت بأن المسألة بدأت تتطور فى وسط البلد، وأحسست بأن هناك شيئًا مختلفًا حتى عن مظاهرات «كفاية».

■ ماذا كان إحساسك عند المشاركة فى ٢٥ يناير؟

- قبل الثورة كانت مظاهرات «كفاية» تنزل فيها أعداد كبيرة من النخبة الثقافية والسياسية، وكنت أشارك بها، ولكنها كانت لا تنبئ بـ«ثورة»، لكن فى يوم ٢٥ يناير، وبحس السياسى، كنت مع أولادى فى النادى وقلت لهم: «مصر هتحصل فيها حاجة والدنيا هتتغير».

وأذكر أننى فى الساعة الـ٩ مساءً كنت فى ميدان التحرير لأرى الوضع، وتأكدت أن المسألة هذه المرة مختلفة تمامًا، لأنى رأيت كل التيارات السياسية المعروفة فى ذلك الوقت، ورأيت أيضًا وجوهًا جديدة وروحًا جديدة، حتى إن نداءات النظام للمواطنين بمغادرة الميدان جعلتنى أشعر بأن هناك شيئًا سيحدث وأن «النظام قلقان»، وهناك حالة من الهلع، وكانت هذه الحالة تكبر عندما تمكن المواطنون من الميدان ومن الحراك الثورى.

وكنت أدرك أن «النظام شاخ»، لأنه ظل لفترة طويلة جدًا وهى ٣٠ عامًا، فضلًا عن ذلك كان هناك صراع داخل النظام نفسه بين ما يسمى بالحرس القديم والجديد، ما جعله فى حالة من التآكل.

وبالتالى، عندما نظرت للوجوه فى الميدان شعرت بأن الجو نفسه يقول شيئًا مختلفًا، وإن هناك حالة من الأمل والإحساس بأن هذه المرة مختلفة، وسيحدث تغيير.

■ هل شاركت فى يوم ٢٨ يناير؟

- أنا من سكان حى مدينة نصر، ويوم الدعوة لـ٢٨ يناير تحركنا من الحى السابع بعد صلاة الجمعة من شارع الطيران فى مظاهرة ظلت تتضخم جدًا، بمشاركة كوادر سياسية بعيدة عن الإخوان والسلفيين، والمسيرة تحركت من مدينة نصر حتى ميدان التحرير، ولم أرَ بها أى قيادات إخوانية.

وبعد العصر، ظهر أشخاص مجهولون قدِموا من كل مداخل التحرير، وظهورهم كان بعد اختفاء المقاومة من جانب النظام فى الميدان، وكانوا يأتون فى حِزم من الجماعات، وتشعر بأن عددًا كبيرًا منهم كانوا قادمين من خارج القاهرة.

وهنا بدأت أفهم أننا فى حالة من حالات ركوب الميدان، أو ركوب النجاح، وبدأنا نتكلم مع بعضنا، كسياسيين ومواطنين، حول هذه المجموعات، ولم نكن نعرف من هم، حتى بدأوا يقتربون منا، وعلمنا أنهم من الإخوان.

ومسألة مشاركة الإخوان فى رأيى كانت بعدما انتهت مقاومة «الداخلية»، وبعدما أخلت قواها بالكامل من التحرير ومحيط الميدان، وهنا بدأ ظهورهم.

■ كيف رأيت مسألة ركوب الإخوان المشهد؟

- الإخوان يتمركزون حول أنفسهم، ولم أشعر أبدًا ومن أول لحظة بأنهم يصلحون لأن يكونوا شركاء فى يناير، لأن من لم يدفع الثمن لا يصح أن يجنى الحصاد.

وكنت أرى أنهم يختلفون عن مصر التى نعرفها، فهم كارهون لكل ما حولهم، ويتمسكون ببعضهم ويلفظون الباقى، وهذه مشاهد ليست لها علاقة بالبلد، ولا بطيبة أهلها، فمصر التى يتكلمون عنها ليست مصر التى نعرفها، فهم يتحدثون عن قناعات أخرى، ولا أتحدث هنا عن الدين، وإنما عن الكره لكل ما هو مختلف عنهم، ومع العشرة أصبحت أرى أن هناك حالة من المداهنة، وأن حديثهم من خارج القلب، فهو لا يثق بك ولا يعتبرك جزءًا من الحركة السياسية.

■ ماذا كان تأثير ظهور عناصر الجماعة على الأوضاع فى ميدان التحرير؟

- «أصبح الميدان بتاعهم وإحنا اللى بقينا أغراب»، رغم أننا كنا أول من تحرك وأول من وصل الميدان يوم ٢٨ يناير، بينما لم يصل أى منهم إلا بعد عصر هذا اليوم، لكن فجأة أصبح الموقف مختلفًا، وأصبحنا نحن الضيوف، وتولوا هم تفتيش الداخلين، لدرجة أننا فى معظم الأحيان لم نكن ندخل الميدان، بل نفضل أن نجلس فى أى مكان حوله، لأن شكله أصبح غريبًا، كما أن لديهم تنظيمًا فى منتهى القوة.

وأنا أرى أن الإخوان سرقوا من القوى السياسية الفكرة والأرض والنضال العلنى، فنحن فى هذا الوقت لم نكن نعرف قياداتهم ولا كوادرهم، سوى ٥ أو ٦ أشخاص كانوا يظهرون للعلن، ولم نكن نسمع أى شىء عن نضالهم السياسى، حتى إننى لم أكن أعرف عن كوادرهم فى حى مدينة نصر الذى أسكن فيه، رغم عملى فى المجال السياسى، ولكن فجأة ظهروا على السطح.

ومسألة سرقة النضال السياسى تشبه سرقة الملكية الفكرية، فنحن مَن كنا نناضل، ونحن مَن كنا فى المواجهة، ومَن دعونا للنزول والمظاهرات، وهم لم يدعمونا ولو فى مسيرة أو مظاهرة واحدة، رغم مطالبات قيادات حركة «كفاية» لهم بالنزول، لأننا كنا فى ذلك الوقت ندعو لدمج كل التيارات السياسية، خاصة الإخوان، وكنا نضرب المثل بما حدث فى تركيا، والكتب التى تتحدث عن دمج التيارات المختلفة.

وكانت هذه هى النظرية الفكرية التى كنا نؤمن بها لبراءتنا، لأننا خُدعنا فيهم لقلة معلوماتنا عن الداخل الإخوانى، خاصة أن الواقع أثبت اختلاف الأمور بشدة عن الواقع التنظيرى، وأدركنا بعدها أنه لا يمكن تطبيق وإنجاح خطة دمجهم فى الحياة السياسية، وأننا كنا حالمين بزيادة.

■ كيف اتخذت قرار المشاركة فى الانتخابات البرلمانية بعد الثورة؟

- منذ يوم ٢٨ يناير أدركت أن مصر فى مرحلة خطرة، لأن مظاهر القوة تذهب نحو الإخوان، والتيارات السياسية الطبيعية لن تستطيع مواجهة الجماعة، علاوة على أن رموزًا سياسية كثيرة سببت لنا الإحباط، ولم تستطع قيادة المشهد، وكانت اللحظة أكبر منهم بمراحل، والحقيقة أن هؤلاء لو كان لديهم أداء مختلف عما حدث لاختلف الوضع، لكنهم كانوا أقل من اللحظة التاريخية التى يمر بها البلد وقتها.

وكنا وقتها، كقيادات سياسية وسيطة، نشاهد ما يحدث فوق وتحت، وكنا نرى أنهم ليسوا على قدر الحدث، وأن الأمور ببساطة وسهولة تنسحب من تحت أيديهم، وكان قرارى وقتها هو أنى وجدت طريقى فى حزب «المصريين الأحرار»، وذهبت له فى أولى لحظات المواجهة مع الإخوان.

وكنت وقتها قد اتخذت قرار المواجهة معهم، وبدأنا نفكر فى كيفية مواجهتهم، وهل الأفضل أن نظل فى حزب أم نكون تحالفًا، وكان اسمه وقتها هو «الكتلة المصرية»، وكنت أؤيد أن نكون فى تحالف وأصر على ذلك، ما أدخلنى فى مواجهة مع أعضاء الحزب، لأنهم كانوا يرون أننا أقوى ولدينا تمويل كافٍ يسمح لنا بنزول الانتخابات لوحدنا، لكن كان رأيى هو أنه من الأفضل أن ننزل الانتخابات ضمن تحالف كان يضم وقتها «الحزب المصرى الديمقراطى» للدكتور محمد أبوالغار، وحزب «التجمع»، وكانت الأرضية مشتركة بيننا.

وهذا الوقت لم تكن فيه أحزاب قوية بالشكل المتصور، لذا كان القرار النهائى هو أن ننزل ضمن تحالف «الكتلة المصرية»، وكنت رئيس لجنة الانتخابات فى الكتلة التى تشكلت فى كل مصر، وكانت الانتخابات صعبة جدًا؛ لأن الشعبية فى معظم الأماكن كانت لقيادات من الحزب الوطنى، الذى قامت ضده الثورة، وكان من الصعب أن نأتى بأشخاص جديدة يمكن الاتفاق عليها، علاوة على المواجهة مع كل ألوان الطيف الدينى، مثل الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية والجهاد، فضلًا عن مجموعة عبدالمنعم أبوالفتوح، التى كانت تضم خليطًا دينيًا ومدنيًا.

وهذه الانتخابات كانت الأصعب فى تاريخ مصر، وكانت المواجهة شديدة الصعوبة، لكننا خضناها ضدهم، ودخلنا البرلمان، لكن كان لدينا ٢٣٥ نائبًا إخوانيًا، مع السلفيين وباقى الجماعات الإسلامية، وكان أقل واحد منهم قد قضى فى السجن ١٨ عامًا، وكان البرلمان أشبه بتنظيم سرى لهم، ولا يمثل الشعب، بل كان قاعة مغلقة تضم «ناس مش شبه الناس فى الشارع»، ولا يمثلون المصريين فى أى شىء.

■ كيف كان عملك كنائب فى برلمان الإخوان؟

- كان الدكتور سعد الدين الكتاتنى، رئيس البرلمان الإخوانى، يحاول أن يعطى فرصة للمعارضة فى الظهور، لإثبات أنه برلمان جامع، وأن هناك أصوات متعددة به، لكن بمجرد أن كان يعطى الفرصة لنا كنا نجد الأعضاء من جميع الجماعات الدينية لا يريدوننا أن نتحدث من الأساس، وكنا نواجه ثورة داخل البرلمان لمجرد إبداء أى رأى مخالف لآرائهم وتوجهاتهم، وكان يُوجّه لنا سباب على شاكلة «يا كفرة».

وكان هؤلاء يرون أننا خارجون على الدين، وكانوا فى حالة عدائية ويكرهون كلامنا عمومًا، ويرون أنهم «كتر خيرهم» لأنهم تركونا معهم فى البلد.

■ كيف كانت مواجهاتك معهم فى البرلمان؟

- خضت معهم ٣ مواجهات، أولاها كان حول قانون عزل الفلول، لأنى كنت ضده رغم أنى ابن الثورة، وكنت أرى أنه ضد مصلحة البلد وتفريغ لكوادر سياسية مهمة، خاصة أن البلد فى حالة فراغ، وتمت وقتها مهاجمتى بشكل كبير، وكانت هناك حالة من الإقصاء لأى حديث، وكان القيادى الإخوانى محمد البلتاجى يلقى خطبة عصماء ضدى، ثم يأتينى القيادى عصام العريان بعد انتهاء جلسة البرلمان ويقول لى: «ليه بتعمل كده؟، ده إحنا كلنا بنحبك، والبلد بتاعتنا وانت هتكون معانا».

أما المواجهة الثانية مع الإخوان فكانت حول قرار تثبيت العمالة المؤقتة، لأننا فوجئنا فى جلسة برلمانية بأنهم يريدون التصويت على القرار وتثبيت كل العمالة المؤقتة فى البلد، وقالوا وقتها إنهم حوالى ٦٠٠ أو ٧٠٠ ألف شخص، لكنى عرفت بعدها أنهم مليون و٢٠٠ ألف، وكان لا يوجد أى موارد أو مخصصات لهذا القرار، ولم نكن نعلم من أين سنأتى لهؤلاء الناس بالمال.

وأرى أن الإخوان اتخذوا هذا القرار بأسلوب شعبوى ليكسبوا به الأرض، وبالتالى وقفت أمام القرار وعارضته، وقلت لهم: «أنتم لم تأتوا بدراسة للموازنة ولا كيف سنسدد هذه الأموال، فمن أين سيقبض الناس رواتبهم وزياداتها والحوافز؟»، فثاروا علىّ وقالوا إنى لا أريد أن أثبت الناس.

المواجهة الثالثة التى دارت بينى وبين الإخوان كانت حول الدستور الجديد، وحول «لجنة الخمسين»، التى أسسوها فى ليلة وضحاها، فالبرلمان كان يناقش قانون اللجنة وكان مليئًا بالعوار، وتناقشت معهم، لكن لم تكن هناك أى فائدة، فهم لا يسمعون حديث أحد، والكلام معهم أشبه بالكلام مع أحجار الجرانيت فى أسوان.

وفى هذه الجلسة وقفت وقلت لهم: «أقول لجناحىّ البرلمان، (الحرية والعدالة) و(النور)، إنه ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع».

■ كيف كانت النقاشات تدور فى كواليس البرلمان الإخوانى خارج الجلسات؟

- الإخوان كانوا طيلة الوقت فى حالة استقواء ببعضهم البعض، وأذكر أننى فى أيام المناقشات حول قانون عزل الفلول دخلت مكتب الدكتور الكتاتنى، وكان به عدد من قيادات الإخوان، منهم البلتاجى والعريان وأسامة ياسين ومحمود حسين، لأنبهه بأن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كان عضوًا فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى، وسألته: «هل تريد عزل شيخ الأزهر؟، وهل تتخيل حجم المواجهة الشعبية التى سوف تدخلها؟».

وساعتها بدا أن «الكتاتنى» فوجئ بهذه المعلومة وسكت قليلًا، ثم استأذن ودخل إلى غرفة بها تليفونات، ثم جاء لى بعدها وقال لى: «وإيه يعنى؟».

وأتصور أن وجود شيخ الأزهر فى لجنة السياسات جاء للإخوان على الطبطاب، لأنهم كانوا يخططون لعزله، وكانوا يضايقونه فى الجامعة وفى المؤسسة الأزهرية.

وعندما قلت لـ«الكتاتنى» إن المصريين يحبون شيخ الأزهر جدًا، وهو بالنسبة لهم قيمة كبيرة، قال لى: «يا باسل كُل عيش.. إحنا هنحكم ٥٠٠ سنة»، فقلت له: «طيب يا دكتور لو استمرت الوتيرة على هذا النحو فأقسم لك بالله ما هتكملوا ٥٠٠ يوم، لأن اللى جابكم هنا هو الثورة والميدان والناس اللى زينا، وإنتم لوحدكم معرفتوش تعملوها».

وأذكر أننى كنت فى اللجنة التشريعية والدستورية ومن الأعضاء القلائل من غير الإخوان، وهم كانوا يريدون إخراج ٤٠ شخصًا بالاسم من السجن، وهم هؤلاء الذين أعطاهم محمد مرسى عفوًا رئاسيًا، وكانوا فى البرلمان وقتها يفصّلون قانونًا ومواد تشريعية تنطبق فقط على هؤلاء الأربعين، فقلت لهم: «أرجوكم.. اكتبوا اسم اللى عايزين تخرجوهم وخلصونا»، وقد كنا نرى هذه الممارسات أمامنا ونقارنها بأيام الحزب الوطنى، فقد كانوا يصنعون القوانين لكن كان بها كفاءة وشطارة، ولا يصنعون القوانين لأجل شخص واحد.

وأذكر أيضًا أننى دخلت فى مواجهة معهم أثناء انتخابات نقابة المهندسين فى عام ٢٠١١، وكنت فى الشعبة المدنية ضد الإخوان، وكانت الشعبة تضم ١٤ عضوًا إخوانيًا وأنا، وكان بها نفس الفكر الإخوانى، لأن عقليتهم واحدة فى النهاية.

■ عانى الإخوان من الفزع مع انتشار الأخبار عن حل البرلمان.. فكيف كانوا يتعاملون معكم فى تلك الفترة؟

الكلام مع الإخوان كان أشبه بالكلام مع الأحجار وعصام العريان قال لى «إنت بتعمل كده ليه؟.. ده البلد بتاعتنا»

- حل البرلمان تم فى صباح اليوم التالى الذى قلت فيه لهم «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع»، لدرجة أنه عندما صدر قرار الحل وجدت الدكتور الكتاتنى يحدثنى فى التليفون ويسألنى: «يا باسل.. إنت كان عندك معلومة إن البرلمان هيتحل؟»، فقلت له «يا دكتور.. ما أنا معاك فى البرلمان وهو اتحل عليا وعليك».

والحقيقة أنه كان عندى إحساس سياسى بأنه من غير الممكن أن يستطيع الإخوان الطيران أكثر من ذلك، فهم كانوا يدوسون على الرقاب ولا يرون أى أحد غير أنفسهم وتيارهم، وهذه مسألة تنذر بالسقوط، لكن لم تكن لدىّ معلومة حول حل البرلمان، بل إنى تضايقت من قرار الحل، لأنى بذلت مجهودًا كبيرًا حتى أصل إليه، و«نجحت بدراعى» بعدما دخلت فى انتخابات قوية، لكن فى النهاية تقبلت القرار، لأنه فى مصلحة البلد، وكان هذا هو أسلم حل.