إحسان عبد القدوس صحفى أم أديب؟ غالى شكرى يجيب
تحل اليوم ذكرى ميلاد إحسان عبد القدوس الذى كان صحفيًا وأديبًا بارزًا لكن أيهما كانت له السيادة الصحافة أم الأدب هذا ما حاول غالي شكرى الإجابة عليه فى كتاب أزمة الجنس فى القصة العربية حيث قال: يُلحُّ إحسان عبد القدوس إلحاحًا واضحًا في مقدِّمات كتبه على هذا السؤال: هل أنا صحفيٌّ أم أديب؟» وأعتقد أنه سؤال جادٌّ، لا يتضمَّن أكثر ممَّا يعنيه بالفعل؛ ذلك أن السِّمة الأساسية في أدب هذا الكاتب هو ذاك الامتزاج بين الأسلوب الصحفي والمعالجة الأدبية للتجربة التي يتناولها بالتعبير.
وبضيف: أعتقد كذلك، أن هذه السمة كانت خيرًا على الأدب في إحدى مراحل تطوُّره؛ أعني تلك المرحلة الواقعة بين الأسلوب العربي القديم، والأسلوب الحديث. فقد أسهمت بصورة جِدَّية في إذابة الثلوج اللغوية المعوِّقة لتطورنا الفني.
غير أنَّ مجهود إحسان في هذا السبيل لا يقتصر على الجانب اللغوي فحسب، لأن هذا الجانب لم يكُن بمعزل عن الموضوعات التي يطرقها في أعماله القصصية. ولعله الكاتب الوحيد من أبناء جيله الذي تطوَّر بالرؤية الرومانسية للجنس إلى رؤية جديدة أكثر تقدُّمًا. فبينما ما يزال يوسف السباعي وعبد الحليم عبد الله في ذلك الطور المختلف من أطوار الرؤية الفنية للواقع، نلحظ أن إحسان عبد القدوس، كان يحاول مرارًا تخطِّي تلك المرحلة الضبابية. ولهذا السبب نكتشف في الكثير من قصصه عنصرًا هامًّا ما كنا نستطيع اكتشافه في ظلال الرومانسية الوارفة. ذلك العنصر يشكل المنظر الأساسي في أدبه، وعنيتُ به الانهيار» الكامن في أعماق الفئات العليا من المجتمع، ولولا أن أسلوب إحسان تجمَّد في ذلك المزيج من الأسلوب الصحفي والمعالجة الأدبية لَاستطاعَ أن يُثري أدبنا بأخطر مراحل الانتقال التي عرفها مجتمعنا من القيم القديمة إلى القيم الجديدة.
ولكن هذا الكاتب ظلَّ مغلولًا في قيود غريبة على الفن منذ بدأ الكتابة الأدبية، حتى إنه لم يستطِع التخلُّص منها إلى الآن وحالت هذه القيود والأغلال بينه وبين الأبعاد المختلفة، التي كان يمكنه أن يصل إليها لو أنه تحرَّر قليلًا من تلك العوائق.