أسرار توظيف مرتزقة في جيش الاحتلال للحرب ضد غزة
انضم عدد من المرتزقة الذين كانوا متمركزين في أوكرانيا إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، مع تحول تركيز الغرب أيضًا من أوكرانيا إلى الحرب ضد غزة. وهو ما أوضحه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تصريحه بأن "الحرب في الشرق الأوسط تصرف التركيز عن أوكرانيا". وشاهدت على مواقع التواصل الاجتماعي تقريرًا تلفزيونيًا أوكرانيًا بتاريخ 9 أكتوبر الماضي يؤكد أن قوات المرتزقة الأجانب في أوكرانيا يتجهون إلى قطاع غزة للقتال ضد حماس. كما يزعم أن حلفاء الناتو أرسلوا قوات دعم لجيش الاحتلال.
رحلة البحث عن معلومات حول المرتزقة قادتني إلى تصريحات أخرى لوزير خارجية أوكرانيا في مارس 2022 ذكر فيها أن عدد المقاتلين الأجانب -يصفهم بـ"المتطوعين"- حوالي 20 ألفًا من 52 دولة! هذا العدد انخفض الآن ليصل إلى ألفي مقاتل فقط، ويطلق عليهم الإعلام الأوكراني "مقاتلي الفيلق الأجنبي". فأين ذهب الباقي وهل اتجهوا بالفعل للقتال مع القوات الإسرائيلية؟
خلال البحث عثرت على حوارات متفرقة، منها حوار مع مرتزق إسباني يدعى بيدرو دياز فلوريس أجرته صحيفة "إلموندو" الإسبانية. يبلغ من العمر 27 عاما، وسبق أن قاتل في أوكرانيا بمنطقة دونباس في 2022، وقبلها في العراق في 2018 ضمن مجموعة من المرتزقة الإسبان، وكان عمره آنذاك 23 عامًا فقط. وحسب موقع ميدل ايست مونيتور فإن هذا الشاب ومجموعته ينتمون إلى ما يعرف بـ"النازيين الجدد". وتعاقد الكيان الإسرائيلي مع شركتين للتعهد الأمني هما "ريفن" و"جلوبال سي إس تي"؛ والأخيرة تحوم حولها اتهامات منذ سنوات بضلوعها في الاتجار غير المشروع بالأسلحة وتوظيف المرتزقة. أهم ما ذكره بيدرو في الحوار أن هناك "العديد" من مجموعات المرتزقة يتم توظيفهم بمقابل مالي "جيد جدًا"، مبرّرا دوافعه للانضمام للقوات الإسرائيلية بالعائد المغري، قائلًا: "إنه 3900 يورو (4187 دولارًا) في الأسبوع، بغض النظر عن المقابل في المهام التكميلية". وأوضح أن طبيعة المهمة تنحصر في تقديم الدعم الأمني لقوافل الأسلحة أو للقوات الإسرائيلية في غزة دون المشاركة فى القتال بشكل مباشر. وكشف بيدرو النقاب عن وجود شركات عسكرية مأجورة تتولى مهام التفتيش وحراسة المنافذ الحدودية بين إيلات والعقبة، موضحا أنها تتلقى أوامرها من "السيبات" وهي إدارة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية.
إضافة للمرتزقة الإسبان، هناك مقاتلون فرنسيون انضموا أواخر أكتوبر الماضي إلى الجيش الإسرائيلي، وفقًا لوسائل إعلام فرنسية، منهم الشاب "جاتس" الذي حاورته قناة "أوروبا 1" حيث تحدث عن التحضير البدني وتلقيه دروس لتعلم اللغة العبرية. وكتب موقع "Alvinet" التابع لشركة إعلامية فرنسية مقالًا عنوانه "جيش الدفاع الإسرائيلي يفتقر إلى الأسلحة ويبحث عن مقاتلين جدد في الخارج". وكتبت عدة مواقع أخرى ناطقة بالفرنسية عن انضمام كنديين ومن جزر السيشل ومولدوفا والهند والأرجنتين للجيش الإسرائيلي. كما أشارت صحيفة "ليبيراسيون" إلى أن حاملي الجنسية الفرنسية يمثلون نحو 2% (بين 1.7 و3.5 % حسب الإدارات المختلفة) من إجمالي القوة العددية للجيش البالغة 176.500 في 2011، حسب إحصاء المعهد الوطني للدراسات الأمنية التابع لجامعة القدس، وهو يقل كثيرًا عن العدد الحالي.
الفرنسيون هم ثاني جنسية أجنبية الأكثر تمثيلًا بعد الأمريكية التي يصل تمثيلها إلى الضعف. وأوضحت الصحيفة أنها واجهت صعوبات للحصول على هذه المعلومات من الطرفين الفرنسي والإسرائيلي، إلى أن وصلها ردّ بعد مكالمات متكررة من المتحدث باسم القوات المسلحة الإسرائيلية، وجاء فيه أن 4185 جنديًا في الخدمة النظامية يحملون الجنسية الفرنسية أو مزدوجي الجنسية، ضمن متطوعي برنامج محل فقط. وبيّنت الصحيفة أن حاملي الجنسية الإسرائيلية عليهم الخدمة العسكرية لمدة عامين، أما التجنيد لغيرهم فمن خلال برامج مثل "محل Mahal" وهي نسبة لـ"Mahalniks" الذين جاؤوا للدفاع عن إنشاء دولة إسرائيلية عام 1948، وهم من اليهود أو لديهم أصول يهودية. وهناك برنامج آخر متاح للشباب بدءًا من السادسة عشر يدعى "Sar-El"، وبرنامج "Marva" بمقابل شهري يبدأ من 1500 دولار. ولا يتم التجنيد من خلال مركز تجنيد بل موظف في قنصلية إسرائيل لدى فرنسا.
وفي دفاعهم عن سياسة توظيف المرتزقة يزعم عسكريون سابقون في جيش الاحتلال أنه إتجاه عام للدول، وأن الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال بها 30 ألف أجنبي يرتدون زيها العسكري وتجنّد 5 آلاف جندي جديد سنويًا. كما طالبت دراسة للمعهد الوطني للدراسات الأمنية (10 مارس 2020) دولة الاحتلال بضرورة دعم جيشها بالمرتزقة معلّلة ذلك بالاستخدام المتزايد لهم في الشرق الأوسط "من المنافسين والشركاء على حد سواء"، بهدف إدارة الحرب خارج الحدود وتحقيق المصالح وتقليل الخسائر الرسمية. وتضرب المثل بدولة تستخدم 35 ألف من المرتزقة، حوّلت أغلبهم لشمال سوريا، ثم حولت حوالي 4 آلاف من سوريا إلى ليبيا منذ يناير 2020، في مقابل أجور وصفتها "أعلى بكثير" مما كانوا يحصلون عليه في سوريا. وأوصت الدراسة بضرورة النظر في التحديات والفرص لتوسيع الاستعانة بالمرتزقة لدعم جيش الاحتلال.