مصر والإمارات والبحرين
على مدينة العلمين، حلّ رئيس دولة الإمارات وعاهل مملكة البحرين، ضيفين عزيزين، واستقبلهما الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأول السبت، وعقد مع كليهما لقاءً أخويًا، تناول مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية. وكالعادة، تطابقت الرؤى بشأن ضرورة مواصلة التنسيق الوثيق على جميع المستويات، وأهمية تكثيف العمل العربى المشترك، وتعزيز آلياته، لمواجهة التحديات المتنوعة والمتنامية فى المنطقة والعالم.
خلال اللقاء الأخوى بين الرئيس السيسى والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جرى، أيضًا، تأكيد قوة العلاقات المتميزة بين البلدين، وبحث سبل استمرار العمل على تعزيز أطر وآليات التعاون المشترك فى المجالات الاقتصادية والتنموية على النحو الذى يحقق تطلعات الشعبين فى التقدم والاستقرار والازدهار. ومع الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تناول الرئيس العلاقات الأخوية بين البلدين على مختلف الأصعدة، سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا، والتى ترتكز على دعائم الأخوة والثقة، وتسعى إلى تحقيق تطلعات الشعبين فى التقدم والبناء والتنمية.
الهدف الأساسى من الزيارتين واللقاءين، هو إعلاء المصالح المشتركة، وتقاسم الأعباء والمسئوليات، لتسوية الأزمات الراهنة أو المزمنة. وهو الهدف نفسه، الذى سعت إليه لقاءات عديدة، كان أبرزها اللقاء الخماسى، الذى دعا إليه الرئيس السيسى، واستضافته مدينة العلمين، فى ٢٢ أغسطس الماضى، وناقش خلاله مع قادة الإمارات والبحرين والأردن والعراق، سبل دفع العلاقات العربية العربية إلى مستوى متقدم، وتوحيد الرؤى فى مواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة.
انطلاقًا من إيمانه بدور مصر المحورى، ومكانتها فى المنطقة، أرسى الشيخ زايد بن سلطان، مؤسس دولة الإمارات ورئيسها الأسبق، دعائم العلاقات بين البلدين الشقيقين، التى ازدادت عمقًا ورسوخًا فى عهد ولديه، خليفة ومحمد، وصارت خلال السنوات التسع الماضية، نموذجًا مثاليًا للعلاقات العربية القوية، القادرة على مواجهة التحديات، بالعمل المشترك والدعم المتبادل، وصولًا إلى الإعلان، فى مايو ٢٠٢٢، عن مبادرة «الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة»، التى جمعت الدولتين بالأردن، قبل انضمام البحرين، والتى صارت حتمية بعد الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وتداعياتها السلبية على مستويات النمو والإنتاج.
الشراكة الصناعية التكاملية، التى عكست، أو ترجمت، قوة وتميّز العلاقات بين شعوب وقادة الدول الأربع، جرى إطلاق شرارتها، بالقاهرة، خلال لقاء الرئيس السيسى، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، ورئيس دولة الإمارات، فى أبريل ٢٠٢٢. وبعد الإعلان عنها، وتوقيع وثيقة «التعاون الثلاثى» بالعاصمة الإماراتية أبوظبى، انضمت مملكة البحرين، وشارك وزير صناعتها، فى الاجتماع، الذى استضافته القاهرة، فى يوليو ٢٠٢٢، وقدمت المملكة أكثر من ١٠ مقترحات لمشاريع صناعية تكاملية، بعضها فى مراحل متقدمة من النضج وبعضها الآخر تم توقيع اتفاقيات تعاون بشأنها مع شركات ومصانع من دول الشراكة.
لا تزال الشراكة الصناعية الرباعية، إذن، فى بداية الطريق. ومع ذلك، نرى أنها حققت خطوات ملموسة، وقدمت نموذجًا ملهمًا لكيفية الاستغلال الأمثل للظروف الاقتصادية والجيوسياسية غير المواتية، وتحويلها من محنة إلى منحة. كما أثبتت قدرة الدول الأربع، والدول العربية، إجمالًا، على تنويع وتوسيع مجالات التعاون، وتجاوز كل المشكلات أو العقبات، التى أفسدت كل صيغ أو محاولات التكامل السابقة. ويُحسب للدولة المصرية، دولة ٣٠ يونيو، أنها شاركت فى إطلاق شرارة هذه الشراكة، ثم فى تأسيسها، وحرصت على تقديم كل التيسيرات، لدعمها، واتخذت جميع الإجراءات اللازمة لتنفيذ خطة عمل مرحلتها الأولى، ومراحلها المقبلة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الاجتماع الثالث لـ«اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة»، الذى استضافته العاصمة الأردنية عمان، أواخر فبراير الماضى، انتهى بتوقيع ١٢ اتفاقية وشراكة فى ٩ مشاريع صناعية تكاملية، بين الدول الأربع، فى قطاعات الزراعة والأدوية والمعادن والكيماويات و... و... وننتظر أن يشهد الاجتماع الرابع، المقرر أن تستضيفه البحرين، إطلاق المزيد من المشاريع النوعية الجديدة فى كل القطاعات المستهدفة، أو ذات الأولوية، وصولًا إلى تحقيق كل الأهداف الاستراتيجية للشراكة.