دول عربية وإسلامية تندد بإثارة خطاب الكراهية.. تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا بيئة صالحة لتمدد الجماعات الإرهابية
وسط إدانات عربية وإسلامية، تتكرر حوادث تمثل كراهية للمسلمين في بلاد أوروبية، مثل حرق القرآن الكريم في السويد والدنمارك أو إعادة نشر صور مسيئة للإسلام في فرنسا، تقع هذه السلوكيات من أشخاص وأحزاب يمنية متطرفة، لا تدرك خطورة تصعيد مثل هذه الظاهرة مجددا.
تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا بين فترة وأخرى في الدول الأوروبية معضلة كبيرة، لا تأخذ حقها في عرض مخاطرها وأضرارها على الجميع، فالجماعات الدينية المتطرفة داخل أوروبا وخارجها هي صاحبة نصيب الأسد من مثل هذه الأزمات، بل إنها تعمل على تغذيتها واستمرارها لأنها تصب في صالحها باستمرار وعلى أصعدة مختلفة.
فمثلا ذيوع أنباء عن حرق نسخ من القرآن الكريم، أو تكرار نشر صور مسيئة للنبي الكريم، فإنها تدعم باستمرار وجهة نظر الإسلاميين في كون الغرب يضمر العداء الشديد تجاه الإسلام، وأن الدين مستهدف ويحتاج للدفاع عنه، لذا فمثل هذه الأحداث تزيد من إقبال الشباب على خطابات الجماعات المتطرفة، وأيضا تسهل عملية تجنيد الشباب المتحمس للدفاع عن دينية ضد هجمة أوروبية، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى، فإن الجمعيات والمنظمات المرتبطة بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية تدخل في حوار مع سياسيين وحكومات غربية حول ضرر ظاهرة الإسلاموفوبيا، مبررة أعمال العنف والإرهاب من قبل الإسلاميين بأنها رد على استفزازات البعض في الغرب، ما يجعل بعض الحكومات تتجه لدعم وتمويل هذه الجمعيات لمساعدتها في مواجهة الإسلاموفوبيا وبالتالي القضاء على جذور العنف المضاد، وعندما تحصل هذه الجمعيات على التمويلات والمنح توجهها لدعم أنشطتها المشبوهة دون أن تتقدم خطوة واحدة في مواجهة ظاهرة خطاب الكراهية ضد المسلمين.
قبل عامين، أصدر موقع «global watch analysis» تقريرا حول ذهاب نحو ٦٤ مليون يورو من الإعانات لصالح جماعات ومنظمات مرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية، وأن هذه الجماعات وضعت يدها على كنز ضخم من الإعانات والمنح، والتي استغلتها في نشر خطاب الكراهية وتعزيز التطرف وتبرير العمليات الإرهابية، وأن هذه الجماعات يربطها نسق عام وأفكار مشتركة ضمنية دون الاعتراف بها علانية.
وكشف التقرير أن جماعة الإخوان استفادت من خدعة الدول الأوروبية بحجة أن الإرهاب يحدث نتيجة الاضطهاد ضد المسلمين، ما جعل عددا من الدول الأوروبية تقدم مساعدات طائلة لجمعيات تعمل لمناهضة الإسلاموفوبيا لكنها في الحقيقة تعمل على دعم جماعة الإخوان وتبرير حوادث القتل والإرهاب حول العالم.
الاستفزازات مستمرة
من جانبه، قال الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، إن حرق المصحف الكريم في السويد والنرويج ودول أوروبية أخرى يصب في صالح الجماعات اليمنية المتطرفة، وكذلك الجماعات الإسلاموية المتطرفة، ويعمل على تصاعد الإسلاموفوبيا بدون شك، وهنا أود أن أذكر أن الجماعات اليمنية والجماعات الإسلاموية يتغذى كل منها على الآخر، وهي ممكن أن تصعد من الإسلاموفوبيا.
وأضاف "رئيس المركز" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن تكرار هذه الأعمال مثل حرق القرآن في السويد، وذلك يعود للدستور والقانون فما زالت السويد لا تفصل ما بين ازدراء الأديان وبين التعبير عن حرية الرأي، ويبدو أن السويد غير قادرة على تعديل القوانين والدساتير، وبعض التحليلات ترى أن السويد تحتاج على الأقل ثلاث سنوات لتعديل مثل هذا النوع من القوانين، فهي تحتاج لإجراء تصويت وربما استفتاء عام ثم التصويت في البرلمان، وهو يحتاج إلى سنوات وهو ما يجعل الأمر معقدا في السويد.
وتابع: لذا نرى الوضع الدستوري والوضع القانوني ملائمًا لمثل هذه الأفعال ناهيك عن الحكومة السويدية كونها حكومة يمينية ولديها مواقفها ضد الجاليات المسلمة، على الرغم من أنه لا توجد مشكلة بعينها مع المسلمين لكن يوجد توجه منذ سنتين أو ثلاثة لدى الحكومة السويدية وربما في بعض دول أوروبا، وبدأت تتقلص، وهو موضوع الهجرة وقد اتخذت مواقف في ترحيل المرفوضة طلباتهم، وأكدت الحكومة أن هذه السياسات لا تقصد المسلمين لكن بدون شك المسلمين هم أكثر شريحة تضررا.
وقال "جاسم"، إنني أجد طبيعة المجتمع السويدي لها تأثير، وقد ذكرت بعض الإحصاءات أنه أكثر من خمسين بالمائة لا يؤمنون بالأديان السماوية وهو ما يشجع الحكومات في البقاء على نهج ربما لا تكون له حسابات في موضوع ازدراء الأديان، ومع ذلك فقد أصدر الاتحاد الأوروبي من خلال مسئول الشئون الخارجية بيانا أكد فيه على أن الاتحاد يحترم الأديان وقدسيتها ولا يشجع على ازدراء الأديان، كون مثل هذه العمليات يثير الكثير من الكراهية. وفي تقدير أن هذه العمليات مستمرة في النرويج والسويد وبعض دول أوروبا.
أزمة دبلوماسية للسويد وتضامن مسيحي
بعد إقدام أفراد على حرق نسخ المصحف الشريف، توالت إدانات واحتجاجات دول عربية وإسلامية في تحركات رسمية تجاه السويد، ومنها مصر التي استدعت القائم بأعمال السفير السويدي وأبلغته، الثلاثاء الماضي، إدانة القاهرة الشديدة ورفضها، حكومة وشعبا، للحوادث المؤسفة والمتكررة لحرق والإساءة لنسخ من المصحف في السويد.
وأكدت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها، أن مصر حذرت من التداعيات الخطيرة والسلبية لتكرار تلك الأحداث المرفوضة، وما تؤدي إليه من تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا وإثارة خطاب الكراهية والتطرف وتشجيع المساعي والأفكار الهدامة الساعية لهدم روابط التواصل الحضاري بين شعوب ومجتمعات العالم.
وفي تقرير بعنوان "محاربة التطرف: تداعيات حرق القرآن الكريم وتجديف الأديان" الصادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب في ألمانيا، أكد أن السويد تشهد أزمة دبلوماسية وسياسية مع أغلب دول العالم الإسلامي، بسبب منحها حق حرق نسخ القرآن الكريم أكثر من مرة على أيدي جماعات وعناصر متطرفة، تبحث الحصول على الأصوات والشعبية في المجتمع السويدي. وبالتوازي مع المشكلة الدبلوماسية التي تعيشها السويد، هي تعاني من أزمة أمن مجتمعي داخلي وسبقتها فرنسا عام ٢٠١٥.
وجاء في التقرير أيضا، أن هيئة رئاسة المجلس المسيحي السويدي (SKR) أصدرت بيانًا جاء فيه "بصفتنا كنائس مسيحية، ندافع عن حق كل شخص في ممارسة عقيدته بغض النظر عن الدين. مؤكدة أن حرق القرآن يعد انتهاكًا متعمدًا لعقيدة وهوية المسلمين، لكننا نعتبره أيضًا هجومًا على جميع المؤمنين. لذلك نريد أن نعبر عن تضامننا مع المسلمين المؤمنين في بلادنا.
انتهازية واستغلال الجماعة الإرهابية للأحداث المشابهة
بالعودة إلى التقرير الصادر عن موقع «global watch analysis» فإن الهجمات الإسلامية التي استهدفت أوروبا منذ عام ٢٠١٥ وما تلاها من اكتشافات حول الطبيعة الحقيقية للإخوان وما تثيره من قلق، وكان ينبغي أن تدفع السلطات الأوروبية لوضع حد لسذاجتها المتساهلة في مواجهة ضغوط الجمعيات الإسلامية.
ومع ذلك، كان الأمر عكس ذلك تمامًا، في أعقاب هجمات باريس وبروكسل، في نوفمبر ٢٠١٥، بدلًا من اتخاذ موقف حازم في مواجهة الخطر الإسلامي، سارعت المفوضية الأوروبية إلى إنشاء منصب "منسق" ضد الكراهية ضد المسلمين! ثم اغتنمت شبكات نفوذ الإخوان و"الحمقى" التابعين لهم من اليسار الإسلامي الفرصة للاعتقاد بأن التطرف الجهادي كان نتيجة الكراهية ضد المسلمين. ولمكافحة الإرهاب الجهادي، كان على السلطات الأوروبية فقط مضاعفة جهودها لدعم الجمعيات التي تكافح الإسلاموفوبيا ماليا!