ميثاق مالى عالمى جديد
قمة «من أجل ميثاق مالى عالمى جديد»، تستضيفها العاصمة الفرنسية، باريس، اليوم وغدًا، الخميس والجمعة، بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات والمنظمات والمؤسسات المالية الدولية، وممثلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى، وتهدف إلى إرساء قواعد نظام مالى عالمى أكثر عدالة واستدامة، لمواجهة التحديات المشتركة، وتعزيز صمود الدول الأقل نموًا، أو الأكثر هشاشة، فى مواجهة الصدمات الاقتصادية وتداعيات التغير المناخى، ووضع آليات مناسبة لتوفير التمويل اللازم، لتحقيق التنمية المستدامة فى تلك الدول.
الجلسة الرئيسية للقمة سيكون عنوانها «طريقة جديدة: الشراكات من أجل نمو أخضر»، وسيشارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورؤساء جنوب إفريقيا وكولومبيا وولى العهد السعودى، ورئيسة المفوضية الأوروبية. أما باقى الجلسات فسيتناول «تطوير نظام البنوك التنموية متعددة الأطراف للاستجابة لتحديات القرن الحادى والعشرين».. «الديون وتحسين حقوق السحب الخاصة.. الحصيلة والآفاق المستقبلية».. «خلق بيئة مواتية للقطاع الخاص فى مجالات البنية التحتية المستدامة وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة».. و... و... وبالتوازى مع هذه الجلسات، سيتم تنظيم ٣٠ حدثًا جانبيًا تتعلق بتنفيذ الأجندة الأممية للتنمية المستدامة.
سد الفجوات التمويلية، التى تعانى منها الدول النامية، والأقل نموًا، والاقتصاديات الناشئة، يتطلب إصلاحات عاجلة لبنوك التنمية متعددة الأطراف، ويستوجب إعادة النظر فى معايير تقييم هذه المؤسسات، لتحفيز التمويل الميسر وكل وسائل وأساليب وطرق زيادة التضامن المالى مع دول الجنوب. وهناك منظمات دولية، حكومية وغير حكومية، عديدة تطالب بأن يتضمن أى ميثاق مالى جديد تغييرات جذرية عميقة فى القواعد والآليات والمعايير القائمة، لكى يصبح النظام المالى العالمى أكثر ديمقراطية، أكثر عدالة، وأكثر استدامة.
منظمة «أكشن إيد إنترناشيونال»، Action Aid International، مثلًا، ذكرت أن خدمة الدين فى دول الجنوب، النامية والأقل نموًا، وصلت إلى أعلى معدلاتها، منذ نهاية التسعينيات، وأكدت أن ٩٣٪ من الدول الأكثر هشاشة، أو ضعفًا، فى مواجهة الكوارث المناخية، تعانى من تفاقم المديونية، ولا تستطيع الاستثمار فى الخدمات العامة أو مواجهة آثار التغيرات المناخية، لأنها تضطر إلى سداد ديونها للدول والمؤسسات المالية الدولية والبنوك الخاصة. كما أشارت المنظمة إلى وجود حالة من انعدام العدالة بالنسبة لآلية «حقوق السحب الخاصة»، التى أنشأها صندوق النقد الدولى، لتوفير السيولة فى النظام الاقتصادى العالمى، موضحة أن الدول الغنية تستحوذ على معظم ما تتيحه تلك الآلية، بينما لا يزيد نصيب الدول الأقل نموًا منها على ٥٪ فقط!
فى ضوء العلاقات المصرية الفرنسية، الاستراتيجية، الوثيقة، الممتدة والمتنامية، واستكمالًا لدور مصر الفاعل على مستوى الاقتصادات الناشئة، وعلى المستوى الدولى بشكل عام، يشارك الرئيس السيسى فى هذا الحدث المهم، تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ويعتزم، خلال أعمال القمة، التركيز على مختلف الموضوعات التى تهم الدول النامية، وتعزيز الجهود الدولية لتيسير نفاذها إلى التدفقات المالية المطلوبة، فى ظل ما تعانيه من تحديات، نتيجة الأزمات الدولية المتصاعدة. مع التأكيد على ضرورة تقديم المساندة الفعالة لهذه الدول فى سعيها إلى تحقيق أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠، وحث الدول المتقدمة على الوفاء بتعهداتها لمواجهة تبعات التغيرات المناخية، وإلقاء الضوء على محاور الرئاسة المصرية لقمة المناخ الأممية، التى استضافتها شرم الشيخ، كوب ٢٧، وأهم الإنجازات التى حققتها، إضافة إلى استعراض التجربة المصرية الوطنية فى التعامل مع قضية تغير المناخ والتوسع فى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة.
.. وأخيرًا، نرى أن «قمة باريس» محاولة جادة، أو فرصة حقيقية لصياغة نظام مالى عالمى جديد، أكثر عدالة وديمقراطية واستدامة، يقيم شراكة مالية متوازنة بين دول الجنوب النامية أو الفقيرة ودول الشمال المتقدمة أو الغنية، ويمهد الطريق لعقد اتفاقيات جديدة تحد من مشكلة تفاقم الديون، وتتيح لعدد أكبر من الدول النامية والأقل نموًا والاقتصادات الناشئة الحصول على التمويل، الذى تحتاجه من أجل تحقيق أهداف أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠، والحفاظ على البيئة، وخفض الانبعاثات الحرارية المسببة لتغير المناخ، و... و... وحماية مواطنيها من تبعات وتأثيرات الكوارث الطبيعية والأزمات والصدمات الاقتصادية.