”لم ينقل كرسيًا من مكانه”.. إيمانويل كانط لا يحب التغيير
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف المعروف إيمانويل كانط الذى كان واحدا من أعلام الفلسفة فى أوروبا خلال القرن الثامن عشر وأحد أهم الفلاسفة الذين كتبوا في نظرية المعرفة الكلاسيكية وآخر فلاسفة عصر التنوير الذي بدأ بالمفكرين البريطانيين جون لوك وجورج بيركلي وديفيد هيوم. نشر أعمالا هامة وأساسية عن نظرية المعرفة وأعمالا أخرى متعلقة بالدين وأخرى عن القانون والتاريخ أما أكثر أعماله شهرة فهو كتابه نقد العقل المجرد الذي نشره سنة 1781 وهو على مشارف الستين من عمره ويبحث في هذا الكتاب بنية العقل البشري ذاته وقد هاجم الميتافيزيقيا التقليدية ونظرية المعرفة الكلاسيكية، وقد نشر أعمالا مهمة أخرى منها نقد العقل العملي الذي بحث فيه جانب الأخلاق والضمير الإنساني، وكتابه نقد الحكم الذي استقصى فيه فلسفة الجمال والغائية. بدأ حياته مدرسا فى البيوت حيث عمل لدى ثلاث عائلات مختلفة تعرّف معهم على المجتمع المؤثر في المدينة واكتسب سمعة اجتماعية مرموقة وتمكن من إكمال درجته الجامعية وتولي منصب محاضر وفقا لموسوعة بريتانيكا. كانت طبيعته أنه لا يحب التغيير ولم يكن يقبل أي تغيير مهما كان بسيطا حتى في بيته فهو لا يحرك الأثاث من مكانه وأي تغيير بسيط في ترتيب الاثاث يجعله غير مستقر. ووفقا لكاتب السيرة مانفريد كون مؤلف الكثير من الكتب عن كانط فقد اشتهر الفيلسوف الألماني بأنه ممل إذ كانت عاداته منتظمة لدرجة أن ربات البيوت يمكن أن يضبطن ساعاتهن من خلال جولات سيره بعد الظهر. وقد نقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن مانفريد كون قوله: "يصور كانط تقليديًا على أنه شخص عاش حياة ميكانيكية، هذه بالطبع صورة كانط العجوز الذي كتب المؤلفات الفلسفية، ولكن إذا نظرت إلى كانط الشاب ستجد صورة مختلفة تمامًا، لقد كان اجتماعيًا للغاية وغالبًا ما ذهب إلى الحفلات". لم يكتف بالأطروحات الفلسفية إذ ألف أيضا أطروحات علمية منها "موجز لبعض تأملات على النار"، وفيها قال إن الأجسام تعمل على بعضها البعض من خلال وسط مادة مرنة ودقيقة منتشرة بشكل موحد إذ كان تعليمه الأول في الرياضيات والفيزياء ، ولم يفقد أبدًا اهتمامه بالظواهر العلمية من خلال نشره خلال السنوات القليلة القادمة للعديد من الأعمال العلمية التي تتناول مختلف الأجناس البشرية، وطبيعة الرياح، وأسباب الزلازل، والنظرية العامة للسماء، ومنها "التاريخ الطبيعي العالمي ونظرية السماوات" ، وفيه اقترح كانط نظرية سديم لتشكيل النظام الشمسي والتي بموجبها تتكثف الشمس والكواكب من غاز واحد وقد قدم "لابلاس" النظرية بشكل مستقل في عام 1796 وعرفت لاحقًا باسم فرضية كانط لابلاس.