احترافية منى زكي تتفوق على تلقائية منة شلبي!
في أصول فن التمثيل الحقيقي مدرستان، الأولى هي المدرسة الأكاديمية الدارسة والتي يتخرج معظم المنتمين إليها من معاهد التمثيل وورشه الحقيقية، وهي قليلة وليست المزعومة أو السبوبة التي يمتهنها كل من هب ودب! وهذه المدرسة تتعامل مع الشخصيات التي تجسدها بالعلم والدراسة والمذاكرة والاهتمام بالتفاصيل ، وتحسب حساب كل شيءٍ بدقة ووعي وهي لا ينقصها الموهبة أيضًا ومن أبرز نجوم هذه المدرسة العملاق الراحل نور الشريف..
أما المدرسة الثانية فهي مدرسة الموهبة في المقام الأول، والتي قد تدعمها الدراسة الأكاديمية أحيانًا وهذه المدرسة منهجها التلقائية والعفوية والتقمص في المقام الأول، فتشعرك بأن أصحابها خلقوا ليمثلوا بالدرجة الأولى ومن نجوم هذه المدرسة الراحل أحمد زكي والقدير يحيى الفخراني وعبلة كامل.
هاتان المدرستان لا يوجد تفضيل لإحداهما عن الأخرى، ونجدهما تتجسدان جليًا حاليًا في إثنين من المسلسلات ٍالتي بدأ عرضها مع النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، بإمضاء نجمتين من أشطر وأكثر النجمات نجاحًا وشعبيةً على الساحة الفنية وهما منى زكي في تحت الوصاية ومنة شلبي في في تغيير جو.
منى.. الاحترافية والنضج تحت الوصاية
رغم أن منى زكي لم تدرس بمعهد الفنون المسرحية وتخرجت في كلية الإعلام، إلا أنها تنتمي إلى المدرسة الأولى في فن التمثيل وهي المدرسة الأكاديمية، حيث تتلمذت على يدي الفنان الكبير محمد صبحي بفرقة استوديو ٨٠ وشاركت بمسرحية بالعربي الفصيح، كما حصلت على عدة كورسات في التمثيل بمصر وبالولايات المتحدة لدى مدرب شهير اسمه جيرارد..
وهذا ساعدها على إبراز موهبتها أكثر وها هي تصل إلى مرحلة النضج والاحترافية الكاملة بأحدث أدوارها في مسلسل تحت الوصاية تأليف الأخوين المبدعين شيرين وخالد دياب وإخراج المتمكن صاحب الرؤية والاهتمام بالتفاصيل محمد شاكر خضير، والذي رغم مرور عدد قليل من حلقاته إلا أن منى زكي خطفت الأضواء وأدهشت الجميع من اللقطة الأولى، بما توفر لديها من قدرة رهيبة على التعبير بقسمات وجهها وصدق إحساسها بما يشبه الشجن واهتمامها الشديد بالتفاصيل دون أن تتكلم!
عن حال الأرملة المقهورة المظلومة التي تكافح وتناضل نضال الأبطال من أجل استعادة حقوق أولادها من أهل زوجها للإنفاق عليهم، حتى أنها تضطر للهرب من بلدها الإسكندرية إلى دمياط بمركب زوجها لتعمل عليها في مهنة صعبة حكرًا على الرجال وهي الصيد وتظل في صراع مرير مع شقيق زوجها الذي يطمع في استرجاع المركب بأي وسيلة ؟!
مني زكي تعطي دروسًا ملهمة في فن التمثيل الحقيقي كما تقول أشهر كتب التمثيل بهذا الدور الذي سيجعلها في ورطة حقيقية عند كل دور يعرض عليها لاحقًا ولا شك أنه من العوامل التي ساعدتها على هذا الإبداع الكبير الكتابة المتميزة جدًا لشيرين وخالد دياب والتي تنم عن معرفة جيدة بطباع وحياة الصيادين وطقوسهم فهما يطرحان موضوعًا جديدًا شائكًا وهو قانون الوصاية على الأطفال وما يشوبه من عوار!
كذلك براعة المخرج شاكر خضير في اختيار الممثلين بعيدًا عن الأسماء الرنانة وحسن توجيههم وعلى رأسهم المطرب دياب المتمكن في التمثيل ! والمخضرم الرائع رشدي الشامي والمجتهدة مها نصار والمتميز خالد كمال والطفل النجم عمر شريف.
منة.. التلقائية لا تكفي
من الأعمال الجديدة المعروضة حاليًا أيضًا تغيير جو بطولة منة شلبي وميرفت آمين وإياد نصار وشيرين، تأليف منى الشيمي ومجدي آمين وإخراج مريم ابو عوف.،وهو عمل اجتماعي رومانسي تجسد فيه منة دور مهندسة ديكور تضطر للسفر إلى بيروت للحصول على توكيل من خالتها لأجل بيع بيت العائلة للإنفاق على علاج والدتها، من إدمان المهدئات ولكنها تتعرض لمواقف مثيرة تجعلها تبقى فترة ببيروت وتدخل في قصة حب مع رجل أعمال قبل ان تكتشف أنه متزوج !
وفي نفس الوقت يدخل حياتها أستاذ جامعي مصري يعمل هناك! منة كعادتها تتألق بعفويتها وتلقائيتها وإن كانت تبدو أنها ليست في أحسن حالاتها وأن للأزمة الأخيرة الخطيرة التي تعرضت تأثيرًا عليها وعلى العمل ككل فلم يتوافر له الوقت الجيد للتحضير؟
كما أن الكتابة لم تساعدها بالقدر الكافي،حيث تاه الموضوع الأساسي للعمل وتفرع إلى عدة موضوعات منها تربية الأولاد المراهقين بعد وفاة الأم، معاناة وحقوق العمال في الغربة، الحب من أول نظرة، صراع رجل الأعمال والأستاذ الجامعي عليها، وأشياء فرعية أخرى، مع تزايد تواجد العناصر اللبنانية والعربية في العمل الذي أصبح مسلسلًا لبنانيًا وليس مصريًا، بحكم تصوير معظم أحداثه ببيروت وإنتاجه اللبناني الخالص! ورغم كل ماسبق نجد تفوقًا في الأداء من الكبيرتين ميرفت آمين وشيرين!