الصحة النفسية.. صحوة جادة لصالح الملف و6 محاور أساسية لدعم السلامة النفسية والعقلية في مصر
تحديات الصحة النفسية في مصر
وفقا لآخر مسح قومي للصحة النفسية قامت به وزارة الصحة المصرية، فإن نحو 24.7 بالمئة من المصريين يعانون من أعراض نفسية، و7% لديهم اضطرابات نفسية، حسب بيانات المسح الجغرافي، فإن أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا كانت "اضطرابات الاكتئاب" بنسبة بلغت 43.7 بالمئة، فيما جاءت في المرتبة الثانية الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات بنسبة 30.1 بالمئة.
وشهدت مصر 2584 حالة انتحار خلال عام 2021، وفقًا لإحصائية صادرة عن مكتب النائب العام، بينما أوضحت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أنه على مدار السنوات الثلاث، كانت أكثر الفئات العمرية انتحارًا هم الشباب، خاصة من هم في العقد الثاني والثالث من حياتهم، ووفق دراسة أعدتها أمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة المصرية، فإن نسبة 29.2% من طلاب المرحلة الثانوية يعانون من مشكلات نفسية، و21.7% منهم يفكرون بالانتحار، وفي دراسة فندها الأزهر الشريف، أشار إلى أبرز القضايا التي دفعت إلي تكرار حالات الانتحار في الفترة الأخيرة _إجمالًا_ تدور حول العنف الأسري، الابتزاز الإلكتروني، غياب الوازع الديني والأخلاقي، الظروف المعيشية الصعبة والاضطرابات النفسية
اهتمام سياسي ومجتمعي لصالح الملف
شهدت الفترة الأخيرة جهودًا كبيرة لصالح الصحة النفسية في مصر سواء من جانب أجهزة الدولة المعنية أو من جانب منظمات المجتمع المدني حيث أطلقت وزارة الصحة النفسية استراتيجية متكاملة للصحة النفسية وفقا لتوجيهات القيادة السياسية، تهدف المبادرة إلى ضمان حصول المواطن المصري على كافة خدمات الدعم النفسي، وتغيير الصورة الذهنية المرتبطة بالمرض النفسي والعقلي، فضلًا عن تطوير المنشئات والمستشفيات
كما أطلقت الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان المنصة الوطنية الإلكترونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، وذلك بالتعاون مع المركز القومي للمعلومات بوزارة الصحة والسكان، ومنظمة الصحة العالمية، وجامعة بريتش كولومبيا بكندا. وتهدف إلى توفير الخدمات المجانية للصحة النفسية وعلاج الإدمان، لجميع الفئات العمرية من المصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر.
أما على مستوى منظمات المجتمع المدني، أنشأت جمعية مرسال أول عيادة نفسية لمرضى الأمراض النفسية والعقلية منذ سنوات وتتكفل المؤسسة بالعديد من الحالات الغير مقتدرة ماديًا، كذلك انطلقت مؤسسة فاهم للدعم النفسي وعقدت العديد من بروتوكولات التعاون مع جهات حكومية وخاصة من أجل تقديم خدمات الدعم النفسي للفئات الأكثر احتياجًا، كذلك تبني منتدى شباب العالم في نسخته الخامسة مبادرة دعم الصحة النفسية وفق المبادرات التنفيذية التي أعلنت عنها إدارة المنتدى لعام 2023.
6 محاور أساسية لتعزير الصحة النفسية والعقلية في مصر
المحور الأول وهو الأصعب والأطول زمنيًا ويشمل "التوعية وبناء ثقافة الصحة النفسية والعقلية" للمواطنين بشكل عام مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا للدعم النفسي، وفي واقع الأمر فإن هذا هو المحور الأصعب كونه مرتبط بتغيير ثقافة شعب نحو المرض النفسي والعقلي أو ما يعرف "وصمة العار" الملصقة به، يسهم رفع الوعي في تقبل المجتمع للمرضى النفسيين والمساهمة في التشخيص المبكر والتعامل الأمثل مع الأمراض النفسية والعقلية، على أن يتم توظيف الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، الدراما، والتحركات الميدانية لصالح التوعية وبناء الوعي المجتمعي.
أما المحور الثاني فيختص بـ"زيادة عدد الكادر الطبي المختص بالأمراض النفسية والعقلية وتدريبهم بكفاءة عالية" سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ويرتبط به المحور الثالث الخاص بـ"رفع كفاءة المستشفيات وتطويرها" لاستيعاب عدد أكبر وتحقيق فاعلية أعلى ويحقق هذا المحور علاج عدد أكبر من المرضى وتوفير أنماط حياتية.
ويتمثل المحور الرابع في "إدماج وتطعيم مواد الصحة النفسية والعقلية في المناهج " على أن تبدأ في المرحلة المبكرة من التعليم وتستمر حتى التخرج، بينما المحور الخامس، وقد يكون أكثرهم أهمية والذراع الأقرب للتنفيذ على أرض الواقع، هو "إعادة تفعيل دور الإرشاد النفسي في المدارس والجامعات وبيئة العمل"، الأمر الذي سيساهم في رصد أهم المشكلات والأمراض النفسية، ويضمن التشخيص المبكر والسريع، ويساعد في التوجيه للعلاج النفسي على أيادي المختصين.
وأخيرًا وليس آخرًا المحور السادس وهو "إدماج وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في ملف الصحة النفسية" خاصة وأن هناك بالفعل عدد من الأنشطة الرائعة التي تقوم بها بعض هذه المؤسسات فعلى سبيل المثال قدمت مرسال أول عيادة نفسية مجانية لغير المقتدرين في مصر وتساعد في علاج عدد من مرضى الأمراض العقلية، بينما بدأت مؤسسة فاهم في ندواتها الميدانية من أجل التوعية، كما تقوم بزيارات المستشفيات النفسية لمساندة المرضى وتقديم الدعم العيني والمعنوي لهم، من شأن تحقيق التكامل والتنسيق بين الجهات الحكومية وبين منظمات المجتمع المدني تعظيم الاستفادة من الخبرات المعلومات المتبادلة، والتوجيه الأمثل للموارد الأمر الذي ينتج عنه تحقيق الأهداف بأعلى كفاءة وفاعلية.
دمتم بخير