نصر حامد أبو زيد يكشف لعبة الفتاوي الدينية .. وكيف روجت لشركات توظيف الأموال
خمسة أيام فارقة بين يوم ميلاده ويوم رحيله عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 2010، نصر حامد أبو زيد، إمام التفكير، وواحد من أبرز أعمدة التنوير المصرية، والذي أقام صرحه المنهجي ومشروعاته البحثية الخلاقة على أرضية التجديد العقلي وفي أفق التجدد الحضاري.
في لقاء إعلامي مع التلفزيون المصري قبل وفاته، سرد نصر حامد أبو زيد، كواليس دعوي تفريقه عن زوجته دكتورة ابتهال يونس، علي خلفية اتهامه بالردة عن الإسلام إثر تقديمه لبحث الترقية بالجامعة عن الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية.
الهجوم على حرية الفكر يتزايد
وفي هذا اللقاء، تحدث “أبو زيد” عن تأقلمه مع حياته في هولندا حيث كان يعمل في جامعة "لايدن" بعد حكم التفريق بينه وبين زوجته، وكيف كان لا يزور مصر إلا في الإجازات، واستطاع قبول هذا الوضع.
قال نصر حامد أبو زيد إلى أن “الهجوم علي حرية الفكر يتزايد، وأصبحت ظاهرة مزعجة والبعد الشخصي يزول في الهم العام، الهم العام الآن أهم كثيرا من أية معاناة شخصية، حتى معاناة الغربة عن الوطن وعن تلاميذي، هناك هم عام (يا ريت) أقدر أساهم بأي جهد في تقديم حلول، أو في طرح نقد”.
لعبة الفتاوي الدينية وكيف سهلت لشركات توظيف الأموال خداع المودعين؟
وحول ملابسات وكواليس “تهمة الردة” التي وجهت إليه، وإلى ماذا استند من وجهوها إليه، قال “أبو زيد”: “الاستناد الأساسي كان على مقدمة كتاب (نقد الخطاب الديني)، والتي قلت فيها (لماذا نحتاج لنقد الخطاب الديني باعتباره خطاب إنساني حول الدين، وهذا الخطاب الإنساني ينتجه بشر وهؤلاء البشر يعيشون في مناخ به مصالح، وهؤلاء البشر أيضا مرتبطين بمصالح اجتماعية وسياسية واقتصادية ألخ)، وضربت مثل عابر بشركات توظيف الأموال باعتبار أن هذه الشركات وكما يعرف الجميع أنها سرقت أموال المودعين ــ وأنا لم أكن مودع وليس لي مصلحة ــ واعتمدت هذه الشركات علي فتاوي تجريم تعاملات البنوك واعتبارها ربا وإغراء بأعطاء فوائد أعلي بكثير فتم إغراء المواطن بهذه اللعبة، حرام قليل وحلال كثيرة”.
استطرد: “نلاحظ أن من انخرطوا في الترويج لشركات توظيف الأموال سياسيين ورجال دين والناس وقتها بدأت تتحدث عن (كشوف البركة)، وشخصيا ليس لي علاقة بكل هذه الأمور، وبالمناسبة كتاب نقد الخطاب الديني كتبته خلال وجودي في اليابان، وكنت أراقب الأمر عن بعد بمعني أنني لم أكن مشغولا بالأفراد ومن يفعل ماذا أو من أفتي بماذا، لم يكن هذا همي، همي كان منصب في أن هناك ظاهرة أصابت المواطن المصري بضرر باسم الدين، وأن هذا الخطاب الديني المصاحب لهذه الشركات يحتاج إلي النقد كمثال لشركات توظيف الأموال”.
تابع: “من هنا جاء تقرير اللجنة العلمية، التي انتزعت جملة من سياقها البحثي وهو يذهب إلي كذا وهو معناه كذا، مثلا جملة كتبتها وهي أن القرآن إلهيا تنزيلا بشريا تأويلا، وهي جملة مفهومة ليس بها غموض، فالقرآن منزل من عند الله وفسره بشر، حتي تفسير الرسول للقرآن هو تفسير بشري ولا يتساوي هذا التفسير البشري مع القرآن نفسه ومن يقول بهذا يدخل في الشرك وهو ما ضد الإسلام نفسه”.
اختتم أبوزيد: “تاريخ التفسير كله به مرويات تروى عن الرسول، وهناك تفسير بالسنة الفعلية، وهذه السنة ــ الفعلية ــ ليس تفسيرا قاله النبي وإنما بأفعال قام بها، على سبيل المثال في القرآن ليس هناك تفاصيل لكيفية الصلاة لكن الرسول بأداءه للصلاة كأنه يعطي التفاصيل التي سكت عنها القرآن، هذه السنة الفعلية انتقلت أيضا عبر بشر، وهذا أيضا غير السنة القولية”.