وثائق العبور العظيم.. «الخطة سلامة».. أخطر عمليات الخداع السياسى فى حرب أكتوبر
- تنسيق مصرى عربى للإيحاء بانقسام الصف واستجداء الحل السلمى مع إسرائيل
- تضخيم بعض النزاعات التى تنشأ بين الدول العربية بقصد إظهار التناقضات
- اتصالات مكثفة مع الدول والمنظمات للتظاهر بالمرونة لقبول الحل السلمى
تواصل «الدستور» نشر أبرز ما جاء فى وثائق «أسرار الحرب» عن كواليس نصر أكتوبر ١٩٧٣، التى أفرجت عنها وزارة الدفاع مؤخرًا، للمرة الأولى، بعد مرور نصف قرن على الانتصار العظيم.
وكشفت وثيقة ممهورة بكلمة «سرى للغاية» ومكتوبة بخط اليد عن خطة «الخداع الاستراتيجى التعبوى للعملية الهجومية جرانيت ٢ المعدلة»، التى حملت اسم «الخطة سلامة»، موجهة من القيادة العامة بكوبرى القبة يوم ١٥ أبريل ١٩٧٣.
وأشارت الوثائق إلى إجراءات الخداع المقترحة للعمليات الاستراتيجية والتعبوية لتحرير الأراضى المحتلة فى جبهتى مصر وسوريا، عبر مجموعة من الوسائل، تنفذ عبر عدة جهات هى: القيادة السياسية ووزارة الخارجية وجامعة الدول العربية ووزارة الإعلام.
وشملت خطة العمل: «استمرار الاتصالات الدبلوماسية والسياسية المكثفة مع الدول الشرقية والغربية ودول عدم الانحياز، بغرض تأكيد وجهة النظر العربية فى شأن التسوية السلمية، والتظاهر بالمرونة والرغبة فى التوصل إلى حلول سلمية شاملة أو جزئية، إضافة لمعاودة التوسط عن طريق الدول العربية التى تربطها علاقات صداقة مع الغرب للاتصال بأمريكا والدول الغربية الأخرى، لإظهار نية دول المواجهة فى قبول الحل السلمى».
وتضمنت الوثائق: «إظهار التناقضات فى الجبهة العربية بالقدر اللازم فقط، الذى لا يضر بالعلاقات الحقيقية للدول العربية أو العمليات المشتركة، والذى يتضمن الإعلان عن مقابلات واتصالات عربية بغرض تنقية الأجواء، وتسليط الضوء الإعلامى على إعلان عدم جدوى عقد مؤتمر قمة عربى قبل تصفية التناقضات فى العالم العربى».
كما نصت خطة الخداع على تضخيم بعض النزاعات التى تنشأ بين الدول العربية بقصد إظهار التناقضات بما يوحى بصعوبة تنفيذ العمل العربى الموحد ضد إسرائيل، مثل: مشكلة الحدود بين العراق والكويت، ومشكلات اليمن الجنوبية والشمالية، ومشكلة السودان ومنظمة تحرير فلسطين.
واحتوت خطة الخداع على إبراز سياسة طويلة الأمد نسبيًا لإعداد أجهزة الدولة والقوات المسلحة والشعب للمواجهة الشاملة، التى تضمن إبراز مشكلات إعداد الجبهة الداخلية وإيجاد حلول تستغرق فترة طويلة نسبيًا.
ولم تقتصر الوثائق على «الخطة سلامة» للخداع الاستراتيجى، لكنها أشارت إلى الخطط التكميلية والخاصة مع دول الدعم العسكرى العربى لمصر، فتطرقت إلى دور المملكة المغربية فى تأمين طيران الطائرات الحربية المصرية المخصصة لنقل الجنود والمعدات إلى الجزائر، ثم تونس.
وذكرت وثيقة مرسلة من سفير مصر فى المغرب إلى مستشار الرئيس للأمن القومى، وهذه نصها: «استدعانى العاهل المغربى مساء يوم الثامن من أكتوبر لإخبارى أن الرباط لا بد أن تشارك القاهرة فى معركة المصير، وعليه جرى اختيار ٢٥٠٠ فرد بمعداتهم الحربية وهم على أتم الاستعداد للانتقال للمعركة، حيث يرى المغرب أن يجرى نقلهم صباح ٩ و١٠ أكتوبر بطائرات مغربية وجزائرية، على أن تحل محل القوات المصرية التى دخلت بالفعل سيناء، إضافة إلى أنه جارٍ تجهيز قوات الكوماندوز ويمكن أن يتم إرسالها فيما بعد».
وتشير الوثائق إلى أن المغرب أبلغ الجانب المصرى أن الأسلحة التى ستكون مع هذه القوة يمكن الحصول على ذخائرها من السعودية أو الكويت لتماثل الأسلحة، إضافة إلى أن المغرب سيتولى تأمين طيران الطائرات إلى الجزائر ثم تونس وستكون مزودة بالوقود، ولذلك طلب سفير مصر فى المغرب سرعة إفادته بعدد من الإجراءات تشمل «الموافقة على استقبال هذه القوات، وموافقة ليبيا على طيران هذه الطائرات فى سمائها، وتسمية المطار الذى يمكن أن تهبط به هذه الطائرات بمصر»، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية المغربى ووزير القصر سيكونان على اتصال دائم به كل ساعة انتظارًا للموافقة.
وتستكمل الوثائق تسليط الضوء على الدعم العربى، حيث تشير إلى إخطار تونس لسفير مصر لديها استعدادها المشاركة بقوة عسكرية فى المعركة، على أن يتم توفير وسائل نقل جوى من ليبيا والجزائر إلى الجبهة المصرية، وعلى أن تكون القوة المشاة ١٠٠٠ فرد كدفعة أولى، إضافة لتسليح القوة بذخيرة تكفى لمدة أربعة أيام فى حالة نقلها جوًا، وثمانية أيام فى حالة نقلها برًا.
وجاء فى الوثائق أن الوزير الأول فى تونس استدعى السفير المصرى لإبلاغه بمشاركة بلاده بقوة عسكرية فى المعركة، وذكر أنه نظرًا لضعف الإمكانات فقد طلب من ليبيا والجزائر توفير وسائل النقل الجوى لهذه القوات لنقلها للجبهة المصرية، مع تكفل تونس بجميع الأعباء المتعلقة بها كقوة محاربة من تموين وذخيرة وخلافه، ولأسباب عملية فإنهم يرجون أن تتولى القيادة المصرية تقديم التموين والذخيرة للقوة، كما يمكن للقيادة المصرية أن تتولى استبدال بعض الأسلحة بما يناسب نوعية الذخيرة الموجودة لديها، راجيًا سرعة الرد المصرى، بسبب رغبة الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، أن يكون سفر القوات باكرًا أو بعد باكر على الأكثر.
ومن بين خطط الحرب التى كشفتها الوثائق تفاصيل العملية «جرانيت ٢»، وهى إحدى الخطط العسكرية التى وضعتها قيادة القوات المسلحة المصرية، لاحتلال المضائق الجبلية فى شبه جزيرة سيناء.
وجاء فى وثيقة خاصة بالقوات البحرية، صادرة عن قاعدة البحر الأحمر، إلى رئيس شعبة العمليات البحرية، للوقوف على مطالبه بتأمين قتال القوات على الساحل الشرقى لخليج السويس، وتنص على مهام لم يسبق تكليف القاعدة بها، مثل الاستعداد للإغارة على العدو بالضفة الشرقية لخليج السويس باستخدام الضفادع البشرية، وتوجيه ضربة بالصواريخ، والإغارة بفصيلة صاعقة بحرية، والمعاونة على إمرار عدد أربع سرايا صاعقة باستخدام ٣٠ قاربًا مطاطيًا.