عاجل.. صنّاع وتجار الذهب يكشفون لـ«الدستور»: لماذا ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية؟
واصل الذهب موجة ارتفاعه إلى مستويات قياسية، فى ظل توافر مجموعة من العوامل التى اجتمعت سويًا للوصول إلى هذه الأرقام غير المسبوقة، والتى قارب معها سعر جرام الذهب عيار ٢١ الـ٣٦٠٠ جنيه، ليثار العديد من التساؤلات حول الأسباب التى تقف وراء ذلك، وموعد رجوع الوضع إلى ما كان عليه، خاصة مع استمرار الطلب المرتفع على المعدن الأصفر فى البلاد.
وقال المهندس هانى ميلاد جيد، رئيس الشعبة العامة للذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن التصريحات الأخيرة التى أدلى بها عدد من مسئولى بنك الاحتياطى الفيدرالى بالولايات المتحدة دفعت الدولار إلى أعلى مستوى شهرى له، وكانت سببًا رئيسيًا لانخفاض أسعار الذهب فى الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضى.
وأوضح «جيد» أن الدولار سجل فى آخر تداول ١٠٢.٨٣٣، بعد أن أغلق عند ١٠٢.٥٨٩ نقطة ويستقر حاليًا عند ١٠٣.٣٤٨ نقطة بنسبة ارتفاع تبلغ ٠.٧٥٪، بينما تراجعت أسعار العقود الأجلة للذهب لشهر فبراير ٢٠ دولارًا، ليثبت عند ٢٠٣١.٦٠ دولار، بنسبة انخفاض ٠.٩٧٪.
وأضاف أن على رأس هذه التصريحات ما قاله كريستوفر والر، أحد أعضاء مجلس محافظى الاحتياطى الفيدرالى الـ١٢، لمواجهة توقعات احتمال تخفيض أسعار الفائدة خلال الربع الأول من هذا العام، التى كان لها أثر مباشر على تراجع سعر الدولار فى البورصات العالمية.
وحسب «جيد»، قال المسئول الأمريكى إن الاحتياطى الفيدرالى سيتخذ خطوة التخفيض، ولكن ليس بالسرعة التى يتوقعها المحللون، وذلك فى ظل معدلات التضخم بالأسواق الأمريكية، التى ترفض الهبوط إلى المعدلات المستهدفة، مشددًا على ضرورة عدم التسرع فى اتخاذ إجراءات تخفيفية خلال الوقت الراهن.
وواصل رئيس شعبة الذهب: «أهمية السياسة النقدية للفيدرالى الأمريكى لا تقف عند التأثير على سعر الدولار فى الأسواق العالمية وأسعار الذهب، بل تمتد إلى عودة الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى الأسواق الناشئة، التى تبحث عن سبل لتمويل اقتصادياتها، وسط معدلات تضخم عالمية غير مسبوقة، وتراجع معدلات النمو».
وأكمل: «على الرغم من هذه التصريحات، يؤكد الواقع ضعفًا متسارعًا للاقتصاد الأمريكى، فى ظل ارتفاع حجم الديون الخارجية، وعدم تراجع معدلات التضخم بالشكل المرجو، والانهيارات المتتالية للبنوك الأمريكية، مع وجود شبح الركود والانكماش الاقتصادى، الذى ظهر تأثيره على الاقتصاد العالمى، بما يعطى انطباعًا أن التصريحات حلقة جديدة من استخدام التصريحات الإعلامية لمحاولة السيطرة على الأوضاع الاقتصادية المتردية».
وعن الوضع فى مصر، قال رئيس الشعبة العامة للذهب إن أسواق الذهب شهدت ارتفاعات متتالية منذ الأسبوع الأخير من العام الماضى، لتسجل ارتفاعات قياسية، وسط حالة من عدم اليقين حول مستقبل الأسعار فى البورصات العالمية.
وأرجع «جيد» حالة عدم اليقين تلك إلى تصاعد حدة الصراعات الجيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط، واتساع دائرة الصراع ضد الكيان الصهيونى، مع استمرار أزمة السيولة الدولارية، بالإضافة إلى ضغوط الطلب المتزايد على الذهب كملاذ آمن، وتحوطًا من موجات تضخمية جديدة.
وأضاف: «كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع سعر جرام ٢١ إلى أكثر من ٣٥٦٠ جنيهًا، وكذلك تخطى سعر عيار ١٨ الأكثر شيوعًا فى إنتاج المشغولات الذهبية ٣٠٠٠ جنيه للجرام، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى ٢٨ ألفًا و٤٨٠ جنيهًا، وذلك قبل احتساب الدمغة والضريبة وقيمة المصنعية».
وقال لطفى المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب بالغرف التجارية، إن استمرار ارتفاع سعر الذهب والطلب عليه، بالرغم من إطلاق الشهادات البنكية الجديدة، ناتج عن المخاوف من الأوضاع الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية الحالية وتأثيرها السلبى على أداء الاقتصاد.
وأضاف أن هناك عدة أسباب لارتفاع أسعار الذهب، أهمها ارتفاع سعر دولار الصاغة التحوطى، الذى يتم تسعير الذهب من خلاله، ليصبح أعلى من سعره فى السوق الموازية بفارق واضح، ويرجع السبب الرئيسى وراء هذا إلى التوترات الأخيرة فى الصاغة، التى تسببت فى امتناع عدد من التجار خلال الأيام الأخيرة عن توفير كميات من المعدن فى السوق.
بدوره، قال سعيد إمبابى، خبير صناعة الذهب، إن الأسعار ارتفعت بقيمة ٢٨٠ جنيهًا، خلال الأسبوع الماضى، حيث افتتح سعر جرام عيار ٢١ فى تعاملات يوم الإثنين الماضى عند مستوى ٣٢٨٠ جنيهًا، ولامس مستوى ٣٧٠٠ جنيه، واختتم التعاملات مساء السبت، عند مستوى ٣٥٦٠ جنيهًا، فى حين تراجعت الأوقية بنحو ٢٠ دولارًا، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى ٢٠٤٩ دولارًا، واختتمت عند مستوى ٢٠٢٩ دولارًا.
وأضاف «أن جرام الذهب عيار ٢٤ سجل ٤٠٦٩ جنيهًا، وجرام عيار ١٨ سجل ٣٠٥٢ جنيهًا، فيما سجل جرام عيار ١٤ نحو ٢٣٧٤ جنيهًا، وسجل الجنيه الذهب نحو ٢٨٤٨٠ جنيهًا».
أما نادى نجيب، عضو شعبة الذهب، فقال إن الأسبوع الماضى شهد حالة من التقلبات السعرية الحادة، والمدفوعة ببعض الأحداث، من بينها القبض على أحد تجار الذهب الكسر، وإعلان «المسوقجية» أسعارًا غير واقعية، ما أدى لوقف التسعير، وتوقف حركة المبيعات جزئيًا فى المحلات.
وأضاف «أسعار الذهب ارتفعت بالأسواق المحلية، خلال تعاملات الأسبوع، لمستويات غير مسبوقة، إذ لامس سعر جرام الذهب عيار ٢١ مستوى ٣٧٥٠ جنيهًا، خلال تعاملات يوم الجمعة الماضى، ثم تراجع لمستوى ٣٥٠٠ جنيه، فى واحد من أكبر التحركات السعرية اليومية فى سوق الذهب، ما يؤكد وجود تلاعب تحت أوهام العرض والطلب، وهو ما دفع منصة (آى صاغة) لوقف عرض الأسعار، لأنها أسعار غير عادلة، فى ظل وقف عمليات القطع والتنفيذ داخل السوق، نتيجة نقص الذهب الخام بالأسواق».
وأشار إلى أن عامل العرض والطلب ما زال محفوفًا بالغموض داخل سوق الذهب، إذ لا توجد بيانات واضحة تكشف عن حجم المتداول بالأسواق، أو حجم التعاملات اليومية للذهب الخام أو حجم المخزون منه، بجانب نسب تقريبية لحجم الطلب من العملاء.
وتابع: «العملاء امتنعوا عن الشراء، إلا بأسعار أقل بنحو ١٠٠ جنيه عن السعر المعلن، وهو ما صنع الفجوة بين سعر البيع وسعر الشراء بنحو ١٠٠ جنيه، وهى نسب فروق غير عادلة أيضًا، وتحرم العملاء من تحقيق أرباح فى مدخراتهم فى حالة البيع».
ولفت إلى أن ما يحدث يعد استغلالًا لأزمة السوق السوداء، برفع الأسعار بنسب أعلى من الأسعار الطبيعية، تحت ذريعة العرض والطلب، متسائلًا: «وهل تؤدى زيادة الطلب إلى ارتفاع سعر الذهب من مستوى ٣٥٠٠ جنيه إلى ٣٧٥٠ جنيهًا، ثم تراجعه مرة أخرى إلى مستوى ٣٥٠٠ جنيه، خلال نحو ٣ ساعات فى تعاملات يوم الجمعة الماضى، سوى عمليات التلاعب؟».
فى السياق، قال عيد يوسف، رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالمنوفية، إن أسباب ارتفاع السعر تعود إلى ٣ عوامل، تتضمن نقص المعروض من الذهب وراتفاع الطلب، وارتفاع سعر الدولار.
وأضاف: «السوق تشهد طلبًا مرتفعًا مع رغبة المواطنين فى التحوط من تراجع العملة والحفاظ على قيمة أموالهم، ما أدى إلى زيادة الطلب، فى ظل عزوف المواطنين عن البيع والاحتفاظ بالذهب فى ظل التوقعات بارتفاع الأسعار».
وقال: «وقف الاستيراد واحتفاظ المواطنين بالذهب أدى لنقص الخام، وهما وسيلتا تدفق الخام فى الأسواق»، متابعًا: «ارتفاع أسعار الدولار بالسوق الموازية أدى إلى وجود تلاعب، ورفع غير مبرر فى سعر الذهب، ما دفع بعض قنوات التسعير مثل (آى صاغة)، لوقف نشر الأسعار، كما اتجهت الشركات للطريقة التقليدية من خلال إعلام التجار بالسعر عبر التليفون».