كواليس 12 يوما قضاها الملك عبدالعزيز آل سعود في مصر
في مثل هذا اليوم 10 يناير عام 1946م زار الملك عبد العزيز آل سعود مصر، وبهذه المناسبة تستعرض “البوابة نيوز” كواليس زيارة الملك عبد العزيز آل سعود الي المملكة المصرية، والتي بدأت في 10 يناير 1946م.
بعد تلقى الملك عبد العزيز آل سعود دعوة من الملك فاروق الأول لزيارة المملكة المصرية، استعدت مصر للقاء ضيفها استعداداً منقطع النظير.
وصلت إلى ميناء “جدة” ثلاث سفن مصرية مزدانة بالأعلام والشارات تحمل إحداها بعثة شرف كان من ضمنها الأديب عباس محمود العقاد والأديب إبراهيم عبدالقادر المازني أوفدت لمرافقة الملك عبدالعزيز في قدومه إلي السويس، ونزلت بعثة الشرف بجدة فصحبت الملك عبدالعزيز إلي اليخت المحروسة، وتحرك اليخت عصر الإثنين 4 صفر 1365هـ، 7 يناير 1946م تحرسه الطوافة " الأميرة فوزية "و الطوافة " الأمير فاروق ".
مر اليخت صباح الخميس 7 صفر 1365هـ، 10 يناير 1946م أمام فنار " زينوبيا " حيث كانت في انتظاره زوارق البوليس المصري ومصلحة خفر السواحل فأحاطت به للحراسة، وعلى مقربة من بور توفيق حلق فوق اليخت سرب من طائرات سلاح الطيران المصري وأطلقت قلعة السويس 21 طلقة مدفعية ورسا اليخت بميناء بور توفيق ضحى الخميس وصعد ملك مصر فاروق الأول لمعانقة الملك السعودي.
قدم الضيف إلى المضيف من كان معه من الأمراء والوزراء وكبار الحاشية ، كما قدم المضيف رئيس وزرائه محمود النقراشي باشا ورئيس ديوانه ووزير خارجيته وبعض كبار موظفيه، وركب الملكان القطار الخاص من السويس إلى القاهرة، وازدحمت الجماهير على طول الخط الحديدي وازدانت محطات القطار بالزينات والأعلام.
وكان فرسان العرب يسابقون القطار على صهوات الجياد، وقال الملك عبد العزيز من فرط انبهاره بتلك الحفاوة، لقد خرج 17 مليون مصري لاستقبالنا " 17 مليون هو تعداد سكان المملكة المصرية في ذلك الوقت ".
وفي محطة القاهرة كان عدد من كبار رجال الدولة في الاستقبال وقدمهم المضيف إلى الضيف بأسمائهم، ثم ركب الملكان إلى قصر عابدين وبعد استراحة فيه انتقل الملك عبدالعزيز وحاشيته إلى قصر الزعفران المعد لإقامته.
وتتابعت في الأيام التالية الولائم والرحلات والحفاوات، وزار الملك عبدالعزيز الهيئات العلمية وجرى له احتفال في جامعة فؤاد الأول “جامعة القاهرة الآن”، وأنشد أمامه طلبة الكلية الحربية نشيد « حفظ الله الملك ».
وقدمت له الجامعة ميداليتين تذكاريتين وقدم له طلبة الشرطة المصرية درعاً سرّ به الملك وقال عنه : « إنه درع يحمي مودة البلدين ».
عرض عسكري ضخم على شرف الملك
وأقيم عرض عسكري ضخم على شرف الملك، وحضر سباق الخيل وزار القناطر الخيرية، والبرلمان والمتحف الزراعي وحديقة الحيوانات، ومصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى ومزرعة أنشاص، وسافر بالقطار إلى الإسكندرية يرافقه رئيس الوزراء النقراشي باشا فزار معالمها وبات بها في قصر رأس التين.
وعاد إلى القاهرة حيث مقر إقامته في قصر الزعفران وأقام له أمين عام الجامعة العربية عبدالرحمن عزام باشا مأدبة في مبنى الجامعة العربية، واختتمت الزيارة بمأدبة غذاء فاخرة في قصر عابدين، أقامها الملك عبدالعزيز للملك فاروق ورجالات مصر يوم الإثنين 18 صفر 1365هـ 21 يناير 1946 ، وقيل إن نفقاتها بلغت 2500 جنيه مصري.
وكان الملك عبدالعزيز يجلس للقادمين للسلام عليه في قصر الزعفران مجلساً عاماً ويستقبل وفوداً من العلماء و الأدباء ورجالات الدولة والسياسة في مصر مرحبين به يتشاورون معه ويتحاورون.
أمضى الملك عبدالعزيز “اثني عشر” يوماً في وادي النيل وما رُئي وجهه يمتلئ بالبشر كما كان في أيامه هذه بمصر، زار وادي النيل ورحب به الجميع من مختلف الأحزاب والطوائف.
في نهاية الزيارة جرى وداع الملك عبدالعزيز في محطة مصر للقطارات بوسط القاهرة يوم الثلاثاء 19 صفر 1365هـ 22 يناير1946م، وكان الإبحار من ميناء بور توفيق في أصيل اليوم نفسه على متن اليخت " المحروسة "،ووصل إلى جدة في صباح الجمعة 22 صفر 1365هـ 25 يناير 1946.
مقتطفات من حديث الملك عبد العزيز
كان هناك مقتطفات من حديث الملك عبد العزيز آل سعود ل فكري باشا أباظة نقيب الصحفيين بمناسبة زيارة الملك عبد العزيز لأراضي المملكة المصرية " الزيارة الثانية و الأخيرة " وذلك ضمن حديث نشرته الأهرام كاملا يوم الثلاثاء 19 صفر 1365هجرية - 22 يناير 1946 ميلادية.
يقول الملك عبد العزيز آل سعود : لقد وددت لو طالت إقامتي في مصر، فلقد أحببتها وأحببت أهلها حبا جما لا يعادله إلا حبي لجلالة أخي الفاروق ولن أنسى مدى الحياة ولن ينساه آل سعود هذا الإكرام الذي لقيته في مصر الحبيبة وزيارتي لأكثر مرافقها و مدنها.
" لقد كنا نسمع عن مصر كثيرا و لكن الذي رأيناه فيها فاق ما كنا نتصوره عنها ورأينا نهضة ورقيا وتقدما في جميع نواحي الحياة، ورأينا شعبا متقدما في الزراعة والصناعة والعلوم والفنون فهو قدوة العرب وموضع آمالهم.
إنني أعود إلى وطني مفعم القلب بأكرم الذكريات وأحبها إلى نفسي بل وإلي شعبي وبلادي، فما مصر والمملكة العربية السعودية إلا بلد واحد وشعب واحد وإن بعدت بينهم الشقة فقد جمعت بينهم أواصر الأخوة والمحبة والمودة ،تلك الأواصر الوثيقة التي لن تنفصم عراها والتي تبقى خالدة تالدة بعون الله تعالى ".