ابن «السواركة» نفذ عمليات فدائية ضد الاحتلال وحصل على نوط الامتياز من الدرجة الأولى
تظل ملفات مجاهدى سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلى صفحة مضيئة فى التاريخ المصرى على امتداده، كونهم أحد العناصر الأساسية التى أسهمت فى الوصول إلى تحطيم خط بارليف وعبور القناة وتحرير الأرض فى أكتوبر 1973.
ومن أبرز هؤلاء، البطل «حسن على خلف»، الذى رحل فى 23 يونيو 2022 عن عمر يناهز 74 عاماً، حيث أصيب فى أيامه الأخيرة بمرض السرطان، وكان يتلقى علاجه فى مستشفى المعادى العسكرى بناء على تعليمات من قيادة القوات المسلحة، بأن تتم رعاية البطل بالمستشفيات العسكرية، وتوفاه الله فى محل إقامته بالقاهرة، وتم نقل الجثمان إلى قرية الجورة، مسقط رأسه بجنوب الشيخ زويد، ودفن فى جنازة مهيبة حضرها أبناء قبائل سيناء.
«جهامة»: بدأ النضال وعمره 21 عاماً.. و«مبارك»: كان واثقاً من نفسه وشوكة فى حلق العناصر الإرهابية
وقال الشيخ عبدالله جهامة، رئيس جمعية المجاهدين السيناويين، إن الراحل حاصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من رئيس الجمهورية لمجهوداته فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، ومعاونته الصادقة للقوات المسلحة المصرية، مضيفاً أن «خلف» يعرفه القاصى والدانى فى سيناء، حيث بدأ مسيرة النضال وعمره 21 عاماً، ولم يكتف بتاريخه النضالى، ولم يقف عند هذا الحد مكتفياً بما قدمه للوطن، حتى وهو فى السبعين من عمره يناضل بتلاميذه من أجل تطهير سيناء من الإرهاب، حتى أصبح المطلوب رقم واحد لدى تنظيم داعش الإرهابى فى سيناء، حيث أدرج اسمه فى صدر كشف الاغتيالات، التى كان ينفذها التنظيم.
وقال الشيخ عبدالقادر مبارك، أحد أبناء قبيلة السواركة، إن «خلف» مناضل ومقاوِم من طراز فريد، وكان أحد أفراد منظمة سيناء العربية، ويعتمد عليه قادته من المخابرات فى تنفيذ عمليات فدائية داخل سيناء، ونفذ أكثر من عملية قبل أن يتم ضبطه ليُحكم عليه بـ149عاماً بسبب ثلاث تهم رئيسية، مضيفاً: «لقد حدثنى الشيخ حسن بأنه وهب حياته من أجل هذا الوطن، والتفانى فى خدمته». وأشار «مبارك» إلى أنه «كان شخصية هادئة جداً، وتشعر بأنك أمام شاب فى العشرين من عمره، كان واثقاً جداً من نفسه، وأثناء الحديث لا يخشى الموت، فهو يرى أن الموت فى سبيل الله أسمى الأمانى، وكم كان يتمناها، فهو شوكة فى حلق العناصر الإرهابية بعد أن كان شوكة فى حلق العدو، حيث إن الحرب على الإرهاب وتطهير سيناء منه، هى نفس معركة تحرير سيناء من العدو، لأن إسرائيل وداعش وجهان لعملة واحدة».
وقال الشيخ سالم سواركة، أحد وجهاء قبيلة السواركة، إن «حسن بطل فوق العادة، لكن الأيام الأخيرة من حياته تراجعت صحته، وأمراض القلب لاحقته، حتى إن مرض السرطان تمكن منه، ولكن يبقى قلبه مليئاً بحب الوطن، كما قال أبناء القبيلة، فقد قدم الشيخ حسن للوطن النفس والنفيس، وتشاء الأقدار أن يبقى دائماً مهدداً من إسرائيل ثم التنظيمات الإرهابية حتى مماته». وأضاف أن «خلف»، قبل وفاته، وهب نفسه وأولاده فى سبيل الوطن، ولقد نال ما تمنى، فقد استشهد نجله حسين حسن خلف بمنطقة الجورة عام 2013 جراء الحرب على الإرهاب، بعدها نزح إلى القاهرة مع أسرته، بعد أن وضع التنظيم الإرهابى اسمه على قائمة الاغتيالات، وقتل زوج ابنته الشهيد صالح نايف. وقال سعيد العوايضة، أحد أصدقاء الراحل، إن أبناءه لم يتركوا الديار وأكملوا مسيرة والدهم فى المقاومة ضد التنظيم الإرهابى مع قواتهم المسلحة. فيما قال خليل سليمان، أحد جلسائه بالقاهرة، إن الشيخ حسن أخبره بأنه فى شهر رمضان عام 1969 كان فى الضفة الغربية من قناة السويس، وأعد العدة لتدمير مقر الحاكم العسكرى بالأراضى المحتلة بمدينة العريش، وهى أول عملية فدائية، ونقل 12 صاروخاً على ظهور الإبل برفقة صديق النضال المرحوم براك جهينى لمسافة 150 كيلو مشياً على الأقدام، من القنطرة إلى العريش، ونصب صواريخ الكاتيوشا على بعد 400 متر، وتم تدمير مقر الحاكم العسكرى للاحتلال والتى أدت إلى مقتل عدد من جنود وضباط الاحتلال، خلال العملية البطولية، وأيضاً استهدف معسكراً للعدو الإسرائيلى بمنطقة «بالوظة» شرق القنطرة بـ24 صاروخ كاتيوشا أكثر من مرة بمعدل مرة كل شهر خلال عام. كما نفذ عملية فدائية ضد مستعمرة «ناحل دكلا» بالشيخ زويد، ونجح فى تدميرها، وهى من العمليات التى أثارت غضب الاحتلال، حيث سقط فيها مصابون وقتلى من الجنود الإسرائيليين.
وقال الشيخ محمد خلف، أحد أبناء عمومته، إن الشيخ «حسن» تعرض لأبشع أنواع التعذيب فى سجون الاحتلال، بداية من الصعق بالكهرباء، وصب المياه المثلجة على جسده فى الشتاء القارس، والضرب المبرح فى أماكن حساسة، والوقوف لمدة أربعة أيام على قدميه، وبعد ذلك تم تقديمه للمحاكمة بتلاث تهم، الأولى: حيازة كمية من الصواريخ وحُكم عليه فيها بـ99 عاماً مع الشغل، والثانية: التدريب على السلاح من دولة معادية وحُكم عليه بـ25 عاماً، والثالثة، عبور القناة بدون إذن مسبق وحُكم عليه بـ25 عاماً مع الشغل، فكان مجموع العقوبة 149 عاماً مع الشغل، وظل فى السجون الإسرائيلية معتقلاً لمدة أربع سنوات حتى تم الإفراج عنه فى صفقة لتبادل الأسرى فى شهر مارس 1974.
وأضاف ابن عمه: إن الشيخ حسن، كان يرى أن اتفاقية كامب ديفيد اتفاقية مذلة لأن الصهاينة لا يستحقون السلام، وعلى الدولة الإسراع بإلغاء هذه المعاهدة، إضافة إلى استمرار قواتنا المسلحة على الأرض، ويجب نشر قوات لحرس الحدود على حدودنا مع الأراضى المحتلة، كما طالب بإزالة النصب التذكارى الإسرائيلى الموجود فى الحسنة والشيخ زويد، واعتبره «مسمار جحا» فى سيناء، وقال قبل وفاته: «من أجل تاريخنا النضالى أزيلوا هذا النصب فوراً من أجل كرامة الوطن».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1694518953288-0'); });