علاقة الأسرة المصرية القديمة بـ ”الأبن الأكبر” ودوره نحو والديه وأخواته
تدل ظواهر الأحوال في الحياة المصرية القديمة على أن الأسرة كانت متجمعة تحت لواء واحد، وهو لواء الأبن الأكبر الذي كان يعد المحيي لذكرى والده، وكان له دورا كبيرا في حياة أسرته.
ورغم أن حقوق الأبن الأكبر كانت مقيدة، إذ يقضي الواجب عليه أن يسهر على مصالح إخوته حتى يكفل لهم أمرهم، وقد كان يفاخر بكونه رب الأسرة ويباهي بالحب الذي تكنه له أمه وإخوته.
وفى هذا الشأن يقول "كارابيبي نفر" أمير مقاطعة إدفو: "إني أنا المحبوب من والده والممدوح من والدته، والذي يحبه إخوته"، على أن السلطة التي كانت في يد الابن الأكبر على أمه وإخوته لا تنفصم عن الحقوق الواجبة لهم عليه وفي ذلك يقول الوزير "نفر سشم رع": "كنت أرهب والدي وكنت مؤدبًا مع والدتي وأطعمت30 أولادهما"، حسب ما قال الدكتور سليم حسن في موسوعته "مصر القديمة".
وكذلك يخبرنا "سنف عنخ" بأنه أقام مقبرة لإخوته فقال: "لقد بنيت هذا القبر لوالدي وإخوتي"، وتدل ظواهر الأحوال على أن الأسرة كانت متجمعة تحت لواء واحد، وهو لواء الابن الأكبر الذي كان يعد المحيي لذكرى والده، فقد أعلن "زاو" أمير مقاطعتي طينة و"زوف" متكلمًا عن والده بأنه هو الابن الأكبر المخلوق من صلبه، وعلى هذا فالرابطة الأسرية لم تكن بين الأحياء فحسب بل كانت تمتد إلى الأجيال التي خلت.
ويؤكد الدكتور سليم حسن على أنه لا غرابة في ذلك فإن هذا الجيل قد ورث الشرف والامتيازات والثروة العظيمة عن أجداده، وقد ظهرت الأسرة وحدة قائمة بذاتها، وأعضاؤها هم الممثلون لهذه الوحدة، وهذا ما يفسر وجود فروع أنساب مفصلة في النقوش التي على جدران المقابر منذ الأسرة الخامسة، وعلى الأخص في عهد الأسرة السادسة، ويلاحظ أنه في عهد الأسرة الثالثة كان يكتب على جدران قبر الميت تاريخ حياته فقط، ولكن في عهد الأسرة السادسة كان يدون نسبه قبل أن يدون ترجمة نفسه بأن يكتب: "إنه المحيي لذكرى أسرته ونسلها، والأمين على عقارها والكاهن الذي يقيم شعائرها".