جاك فرانسوا مينو.. لماذا لا يحبه المصريون؟
تمر اليوم ذكرى ميلاد الجنرال الفرنسى جاك فرانسوا مينو، وعلى الرغم من كونه قاد جيوش فرنسا للخروج من مصر، وعلى الرغم من إعلانه إسلامه وأطلق على نفسه اسم عبد الله مينو، إلا أن المصريين لا يحبونه أبدًا، فما السبب فى ذلك؟ لقد أذى جاك فرانسوا مينو المصريين بأشكال مختلفة، لعل أشهر هذه الأشكال هو زواجه من امرأة مصرية تسمى "زبيدة البواب" وأنه بعدما أخذها معه إلى بلاده أذاقها الهوان وأساء إليها. وكان "جاك مينو" حاكم مدينة رشيد يبحث عن زوجة مصرية بغرض التقرب من أهل رشيد عن طريق مصاهرتهم، لذلك وقع اختياره على "زبيدة". وقد وافقت عائلة "البواب" على زواج ابنتهم من الجنرال الفرنسى بشرط إعلان إسلامه، وتم عقد الزواج فى وثيقة بمحكمة رشيد الشرعية فى 25 رمضان 1213 هجرية الموافق 2 مارس 1799 ميلادية، وتضمنت الوثيقة اعتناق الجنرال للإسلام وتسمى فى الوثيقة باسم "عبد الله مينو" كما أثبتت وثيقة الزواج من زبيدة إنها أصغر منه بثلاثين عامًا. وكان صداق زبيدة الذى قدمه لها «مينو» 100 محبوب كل واحد منها بمائة وثمانين نصفها فضة، كما تضمنت فى أحد شروطها أن يدفع لها مينو 2000 ريال نظير فراقه لها فى حالة الطلاق وإن مات وكانت لا تزال فى عصمته تأخذ من ماله الألفى ريال. وتوجد رسالة يصف فيها مينو «زبيدة» لأحد أصدقائه فيقول فيها: «زوجتى طويلة القامة، مبسوطة الجسم، حسنة الصورة من جميع الوجوه، لها عينان رائعتان، ولون بشرتها هو اللون المصرى المألوف، وشعرها طويل فاحم، وهى لطيفة الطبع، وجدتها تتقبل كثيرًا من العادات الفرنسية بنفور أقل مما توقعت، وأنا لم ألح عليها بعد فى الخروج سافرة على الرجال، ولن أنتفع بما أباحه النبى من الزواج بأربع نساء، فإن فى زوجة واحدة أكثر من الكفاية". عاشت زبيدة مع مينو وأنجبت منه ولدًا سمته «سليمان مراد جاك» فى 27 نوفمبر عام 1800. عقب خروج الحملة من مصر أصبح مينو حاكمًا لإقليم فلورنسا فترك زبيدة مع ولدها الصغير فى مارسيليا. سكنت زبيدة فى مدينة مارسيليا بينما تولى «مينو» إدارة حكم ثلاث مدن خلال خمس سنوات ورغم كل مناصبه لم ينس أصله فعاشر سيدات واتخذ عشيقات لنفسه أغلبهن من راقصات الحانات تاركًا زوجته ونجله ومع تراكم الديون عليه فضلاً عن سوء أخلاقه، تم طرده من الخدمة العسكرية فى باريس، وكانت زبيدة مقيمةً فى منزلها وحدها بصحبة ولدها، ولم يرعهما سوى خادمها «سرور» وكانت زيارات مينو لها قليلة وقد أنجب منها ولدًا آخر، ثم وقعت الكارثة حيث ارتد مينو عن الإسلام وقرر التوجه إلى زوجته ليأخذ الولد الثانى لتعميده فى المسيحية وهو الأمر الذى رفضته زبيدة لكنها فى النهاية أجبرت وتم تعميد ولدها الذى تربى فى أسرة فرنسيةٍ فيما بعد. وذكر رفاعة الطهطاوى " لا يُعْرَف أى شيء عن نهاية زبيدة على مستوى اليقين، سوى بعض تكهنات المؤرخين أن ولدها الأكبر توفى فى ظروف غامضة، ولم تستطع الوصول إلى نجلها الثانى خاصة بعد وفاة مينو سنة 1810 فى الستين من عمره، كما أن أهلها لم يتمكنوا من الوصول إليها، حيث عاشت فى شوارع مارسيليا تتسكع فى طرقاتها".