ناقد فني: صاحب نوبل «طباخ» شاطر في الفن.. ولم يمنح الجمهور وصفات مزيفة (حوار)
نجيب محفوظ.. هو أقدم الكتّاب الروائيين ارتباطاً بالسينما، والتى دخل عالمها قبل نهاية الأربعينات من القرن الماضى باعتباره كاتب سيناريو، حتى حدثت النقلة الكبرى فى حياته من خلال الانتباه إلى أعماله الروائية والقصصية وتحويلها إلى شاشة السينما فى بداية فترة الستينات، وكان أولها مع فيلم «بداية ونهاية» للمخرج صلاح أبوسيف.
كثير من روايات وقصص نجيب محفوظ تم اقتباسها فى عالم السينما وحققت نجاحاً كبيراً على مستوى النقاد أو الجمهور، تطرقت «الوطن» مع الناقد الفنى محمود قاسم إلى عالم سينما نجيب محفوظ والخطوط الحائرة بين النصوص السينمائية والنصوص الأدبية.. وإلى نص الحوار
ترك مساحة الإبداع لغيره من كتّاب السيناريو فى تحويل أعماله الأدبية فنياً
فى البداية كيف ترى سينما نجيب محفوظ؟
- هناك نحو 46 فيلماً تم تحويلها إلى السينما من خلال رواياته وقصصه القصيرة، وتعامل مع أهم المخرجين وكتّاب السيناريو بالسينما المصرية فى ذلك الوقت، وكل فيلم له مذاق مختلف عن الآخر، وله عدد من الأعمال تم اختيارها ضمن أفضل 100 فيلم بالسينما المصرية، وهناك أفلام قام بكتابة السيناريو لها من بين أعماله الأدبية مثل «فتوات الحسينية» و«ريا وسكينة»، والأفلام التى أُخذت عن أدب إحسان عبدالقدوس، وقيامه بكتابة السيناريو أو الحوار لها، يمكن القول إن نجيب محفوظ فى السينما مثل «الطباخ الشاطر» الذى يمتلك مهارة تحقيق الوصفات الجيدة وتحمل مذاقه الخاص به دون الآخرين، بدليل أن مشاهدة الأفلام سواء نُقلت عن أعماله الأدبية، أو التى وضع بصمته بها باعتباره كاتب سيناريو، لم يخدع الجمهور يوماً بـ«خلطات» مزيفة مثلاً.
هل حكايته مع السينما بدأت بالفعل قبل نهاية الأربعينات من القرن الماضى باعتباره كاتب سيناريو لأعمال أدباء وكتّاب آخرين غيره؟
- صحيح، وكانت بدايته مع المخرج صلاح أبوسيف، يكتب السيناريو لعدد من الأفلام منها «مغامرات عنتر وعبلة»، و«لك يوم يا ظالم»، «ريا وسكينة»، وغيرها من الأفلام، حتى جاءت فترة الستينات، وكان أول أعماله الأدبية التى يتم تحويلها إلى السينما، من خلال فيلم «بداية ونهاية» عام 1960، لتتوالى بعدها أعماله منها «اللص والكلاب»، «زقاق المدق»، الثلاثية الشهيرة وبدايتها مع «بين القصرين» عام 1964.
وماذا عن الفرق بين الأفلام التى قام بكتابة السيناريو لها فقط، والأفلام التى نُقلت عن أعماله الأدبية؟
- من الأمور التى ليس لها تفسير، حيث كان يقوم بكتابة السيناريو للآخرين من المؤلفين والكتّاب، أما فيما يتعلق بتحويل الأدب الخاص به إلى السينما، فكان يترك فكرة السيناريو والحوار برمته إلى مؤلفين غيره، وتكون لهم رؤيتهم المستقلة بهم بعيداً عنه، كما كان يفعل هو مع غيره، على سبيل المثال قام بكتابة سيناريو فيلم «أنا حرة» عام 1954 و«بئر الحرمان» عام 1969، المقتبسين عن أدب إحسان عبدالقدوس.
لكن ألم يشعر نجيب محفوظ يوماً بـ«الغضب» من بعض كتّاب السيناريو بسبب التغييرات التى تطرأ على الروايات والقصص الخاصة به سواء عند تحويلها إلى السينما أو التليفزيون أو الإذاعة؟
- هو كان شخصاً طيباً ومسالماً لأقصى درجة، ويمنح الآخرين من كتّاب السيناريو المساحات الخاصة بهم للإبداع بطرق مختلفة ومميزة، وفى كل الأحوال كان هؤلاء الكتّاب يضعون فى اعتبارهم اسم نجيب محفوظ، ويدركون جيداً قيمته وقامته فى عالم الأدب، ومن ثم يبذلون قصارى جهدهم ليكون سيناريو العمل الفنى ذا جودة عالية وإبداع يليق بهذا الأديب.
وهل كل ذلك يمنح سينما نجيب محفوظ سحراً خاصاً يليق به؟
- بالتأكيد.. أفلامه كانت مميزة وفريدة للغاية، حتى الأعمال التى قدمتها الفنانة الكبيرة شادية، لم تكن تشارك بالغناء بها باعتبارها واحدة من أهم مطربات مصر والوطن العربى، ولكنها فى أدب نجيب محفوظ كانت تكتفى بالتمثيل، وإن كانت المرة الوحيدة غالباً فى فيلم «زقاق المدق» عندما قامت بالغناء وفقاً للمشهد الذى تطلب قيامها بذلك بالفعل، ولكن لم تقم على سبيل المثال بالغناء فى فيلمى «اللص والكلاب» و«الطريق».
ابتعد عن المعارك ولم يفتعل خلافات مع الآخرين بسبب أفلامه
هل كان أدب وسينما الأديب العالمى ملهمين للدرجة التى تجعلك تقدم أكثر من كتاب عن نجيب محفوظ؟
- صحيح جداً، قدمت كتب «نجيب محفوظ بين السينما والرواية»، و«أدب السينما المصرية»، و«أفلام وأقلام» عن 100 فيلم مصرى تم اقتباسها عن مائة رواية، بخلاف المقالات عن كل ما يتعلق بعالم نجيب محفوظ، وغيره من الأدباء.
هل نستطيع القول إن السينما المصرية كانت «محظوظة» بالأديب وكاتب السيناريو نجيب محفوظ؟
- طبعاً السينما كانت محظوظة جداً، شارك فى كتابة عدد من الأعمال السينمائية المهمة لغيره من الكتّاب، فضلاً عن رواياته وقصصه التى نقلت إلى السينما، وكلها أعمال فنية عظيمة، وله مجموعة من الأفلام تم اختيارها ضمن أفضل 100 فيلم بالسينما المصرية.
سينما نجيب
عندما كتب سيناريو فيلم «زقاق المدق» لم يختلف عن الرواية من الأساس ولم يتم التدخل بالإضافة أو التغيير، وهو ما حدث كذلك فى فيلم «السراب»، فى المقابل هناك أفلام تم تقديمها وتختلف جذرياً عما جاء فى أدب نجيب محفوظ، منها على سبيل المثال فيلم «الشريدة» عام 1980 بطولة محمود ياسين ونجلاء فتحى ونبيلة عبيد، وقام بكتابة السيناريو أحمد صالح.