التفاهة من صفة لدى البعض إلى صناعة كاملة
هل تعلم عزيزي القارىء أن التفاهة صناعة ونظام عالمي يسير بمنتهى الدقة والإحكام ويستهدف مجتمعات بعينها، ولم تعد مجرد صفة لدى بعض البشر وفقط كما هو المعروف لنا دائما؟
نظام التفاهة
وذلك بناء على كتاب بعنوان نظام التفاهة للفيلسوف والمفكر الكندي آلان دونو، فإن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي في أغلبه بكل أسف ما هو إلا حملات ترويجية مجانية للتفاهة، ومن يقومون بأمور معينة يتم نشرها ولا تهم أحدا على الإطلاق، أو يفترض ذلك ما هم إلا بهلوانات تم جرهم للعمل كخدم لهذا النظام العالمي للتفاهة، والذي لا يسير عشوائيا، وإنما له قواعد وأسس محددة ذكرها "دونو" في كتابه الذي أنصح الجميع بقراءته.
وأشار إلى أن هذا النظام يسير في محاور محددة وأهمها العمل على تسهيل الوصول للثروة التي يحلم بها أغلب سكان الأرض خلال التفاهة، ونرى الآن أن ذلك تحقق بالفعل في صور كثيرة ومنها على سبيل المثال أن الشخص يستطيع جني الأرباح العالية عبر الإنترنت خاصة أصحاب المحتوى التافه جدا، وبحسب درجة التفاهة والابتذال يتم التصنيف.
وأيضا نرى أثر ذلك على حياتنا حتى أن كثير من الناس أنفسهم وبلا شعور انخرطوا في نظام التفاهة، وأصبحوا يشجعون التفاهات، سواء مواقف أو أشخاص حتى أصبحت وكأنها أمرا عاديا أو يجب وجوده.
والقاعدة الثانية في نظام التفاهة أيضا بحسب ما ذكره آلان دونو في كتابه.. هي تسهيل تمكين التافهين من المناصب بجميع درجاتها من الأسفل إلى أعلى مستوياتها، وذلك تحقق وبقوة وكل من يقرأ مقالي هذا لو توقف لثوان وفكر في الأمر سوف يخطر بعقله عشرات الشخصيات التي ينطبق عليهم ذلك مهما كانت دولته التي يعيش فيها، وهو نظام يعمل ذاتيا حيث إن المسئول التافه لن يأت أو يجعل خلفه إلى أتفه منه فيصعد مكانه يوما وهكذا.
المقصود من كل ذلك سهولة السيطرة على هذا العالم بأكمله لصالح لوبي يديره من الخلف وفي الظل، ويتحكم في كل شيء عن طريق ماكينة هائلة صنعها منذ زمن، والآن أصبحت تعمل من تلقاء نفسها وكل ما عليه فقط متابعة المنتج، والعمل على تحسين جودته كلما وجد فرصة لذلك، وإلا فهل تظن أيها المواطن في كوكب الأرض أن الأمور تسير من حولك هكذا عشوائيا؟
لا يا عزيزي فكلها حسابات من أجل السيطرة والوصول لأهداف.. أولها وأهمها التحكم فيك وتحويلك إلى مسخ ينفذ بلا تفكير ويصبح ترسا دون أن يشعر في ماكينة جبارة لا مكان معها للمشاعر أو الضمير وإنما هي المصلحة وفقط، وسنجد أن أثر ذلك بدأ يتضح بين الناس في المعاملات وبدأنا نرى جحودا لم نسمع عنه من قبل، وتأصلت فكرة الأنانية لدى كثيرين حتى أصبحوا يعملون بمبدأ.. أنا ومن بعدي الطوفان.
والأحرار فقط هم ما يمكنهم الخروج عن هذا النص قدر المستطاع، بوعيهم والتمسك بقيمهم، ونحن بشكل خاص كأمة إسلامية لدينا منهجنا الذي هو المستهدف الأول لأنه يقف حجر عثرة في وجه نظام التفاهة كونه عالمي لا يقتصر على جنس بعينه أو فئة المسلمين فقط، بل هو فكر راق يمكن تطبيقه حتى وإن لم يتم اعتناق دينه وقد حدث ذلك فعليا وسنجد أن أوروبا التي عاشت عصورا مظلمة ذكرها التاريخ ما خرجت إلى النور إلا بتطبيق تعاليم كلها موجودة في منهجنا الإسلامي قبل 1400 عام، ولذلك سوف نجد أن إبعاد الناس عنه بكافة الوسائل والحجج يسير بشكل منظم لو تأملناه.
الحديث يطول في هذا الموضوع وأنا أرفع شعار "كلام بالمختصر" في الكتابة وتلك مدرسة أرى أنها الأصلح الآن وتعتمد على تقديم الفكرة بقوة ووضوح باختصار شديد.
ولذلك سوف اكتفي بهذا القدر الآن فالموضوع يحتاج ربما إلى كتاب كامل، ولعل إثارة والتنبيه إلى خطورة الأمر هو المهم الآن كي تتحرك العقول نحوها وتتأملها ومن ثم نتعامل معها بالطريقة المناسبة.