خطة حزب الله واستراتيجية إسرائيل.. ماذا يجرى خلف التوتر على الجبهة الشمالية؟
تحاول إيران وحزب الله استغلال التوتر الداخلي في إسرائيل على خلفية دفع حكومة نتنياهو قدماً بالإصلاحات القضائية، وتحاول أن تثير بعض التوترات في الجبهة الشمالية لكن دون التورط المباشر في مواجهة عسكرية، حيث يرى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن بإمكانه يستغل الأزمة الداخلية في إسرائيل لاستفزازها لكن دون التورط معها.
خطة حزب الله
حسب التقديرات، فإن حزب الله يتعامل مع إسرائيل حالياً بثقة، ويرجع ذلك إلى كمية قذائف الهاون والصواريخ والطائرات بدون طيار التي بحوزته، والتي المئات منها قد تتسبب في أضرار جسيمة لمنشآت البنية التحتية العسكرية والمدنية في إسرائيل في حالة الحرب.
سبب آخر لثقة حزب الله، هو الوضع على الحدود، هو وجود قوة رضوان (وحدات النخبة البرية التابعة لحزب الله) على الحدود مع إسرائيل، والتي أغلب مقاتلوها جاءوا من سوريا وراكموا خبرات خلال السنوات الاخيرة.
والسبب الثالث لثقة، الحزب، هو إحساس حسن نصر الله أن إسرائيل ضعفت بسبب الاضطرابات الداخلية، والفوضى بسبب رفض عدد من جنود الاحتياط الخدمة والذي من شأنه أن يؤثر على كفاءة الجيش الإسرائيلي وتماسكه.
ثقة حزب الله جعلته أكثر جرأة في "استفزاز" إسرائيل، والقيام ببعض المناوشات على الحدود، والهدف كما يبدو هو منع الجيش الإسرائيلي من بناء الحاجز الهندسي على الحدود والذي يطلق عليه مشروع "الحجر المتشابك" والذي يسببب مصدر قلق كبيرا لقوة الرضوان، ولايمكن تجاهل حقيقة أن هناك استفزازات على الحدود يقوم بها عناصر قوة رضوان على الحدود دون موافقة نصرالله، من أجل استغلال الأزمة السياسية في إسرائيل بأنفسهم.
في الوقت نفسه، نصر الله لا يريد الحرب الواسعة مع إسرائيل، كما أن الإيرانيين منعوه من التورط في حرب شاملة يخسر فيها أصوله العسكرية والمدنية، وبدلاً من مساعدة إيران عندما تهاجم إسرائيل منشآتها النووية - سيكون على إيران مساعدته.
ومن ناحية أخرى، فإن حسن نصر الله الذي يواجه انتقادات بسبب الوضع في لبنان، فهو يعلم أن حربا مع إسرائيل ستضر بمكانته، وأن حالة لبنان لا تسمح لها باستيعاب خسائر الحرب، وهو يعلم أنه إذا نفذ الجيش الإسرائيلي خططه العملياتية لحملة شاملة في لبنان، فإن المجتمع الشيعي الذي يدعم حزب الله سيتضرر أيضًا بشدة.
استراتيجية إسرائيل
لا مصلحة لإسرائيل في الوقت الحالي في الدخول في معركة لو لأيام قليلة مع حزب الله، ومن ناحية عاطفية، فإن إسرائيل تحمل ذكريات سيئة عن حروب الصيف مع نصر الله، والحكومة الإسرائيلية لا تريد المس بحياة المواطنين في الصيف، عندما يكون الأطفال خارج المدرسة، في المخيمات وفي الطبيعة ، ويقيم العديد من جنود الاحتياط في الخارج، مع حقيقة أنه حتى بعد معركة ولو لأيام قليلة سيعود الوضع إلى طبيعته.
بالإضافة إلى ذلك، يريد الجيش الإسرائيلي استكمال بناء الحاجز الهندسي (الحجر المشتباك) الذي يقيمه على الحدود اللبنانية من أجل إبطاء أو تأخير هجوم بري من قبل قوة رضوان، حيث أن الآلاف من أفراد قوة رضوان موجودون بالفعل على الحدود ويتدربون على الاستيلاء على مستوطنات وتقاطعات مهمة على الجانب الإسرائيلي في حالة اندلاع صراع كبير.
سبب آخر مهم لعدم اهتمام إسرائيل بالتورط حتى في أيام المعركة مع نصر الله – هو فقد العديد من رجال الاحتياط الثقة في قرارات المستوى السياسي بشأن القضايا الأمنية بسبب أزمة لإصلاحات القضائية، وتشكيل أزمة مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، الذي لا يملك معظم أفراده فكرة عن الأمور العسكرية والأمنية.
اختيار التوقيت
كلا الجانبين (إسرائيل وحزب الله) ليس لهما مصلحة في مثل هذا التصعيد الكبير، ولكن يمكن أن يحدث نتيجة استفزاز من جانب حزب الله ورد الجيش الإسرائيلي عليه، أو نتيجة لتقييم غير صحيح لحادثة أمنية ومن الممكن أن تتدهور فجأة، فبينما يريد حزب الله أن يستفز إسرائيل دون التورط معها، فإن الجيش الإسرائيلي يريد اختيار التوقيت الذي سيوجه فيه ضربة كبيرة إلى حزب الله في جميع أنحاء الأراضي اللبنانية، وهي ضربة ستضر ليس فقط بقوة حزب الله وقدرته على إلحاق الأذى بإسرائيل من خلال ترسانته الصاروخية وقوة رضوان، بل أيضاً ستمش بالمشروع النووي الإيراني، وهي معركة متعددة الأبعاد تستعد إسرائيل لها لكن ليس سهلاً اتخاذ قرار بشأنها.