وزير الأوقاف الفلسطينى لـ«الدستور»: القدس قضية مصر الأولى.. ولن نقبل بتقسيم الأقصى لمساجد صغيرة
قال وزير الأوقاف الفلسطينى، محمد حلمى عبدالسميع بكرى، إن الموقف الفلسطينى الرسمى سيظل متمسكًا برفض التقسيم المكانى للأقصى باعتباره مساجد صغيرة منفصلة، أو تقسيمه زمنيًا لتحديد أوقات معينة لصلاة المسلمين، وصلاة اليهود، وهو ما يعنى فى حال الموافقة عليه اعترافًا ضمنيًا بحق الاحتلال فى دخول المسجد الأقصى.
وأضاف لـ«الدستور» أن تعاونًا وثيقًا يجرى مع وزارة الأوقاف المصرية والأزهر الشريف من أجل تدريب وتأهيل الكوادر المميزة من الدعاة والواعظات، والاستعانة بالقراء والعلماء المصريين فى مساجد فلسطين.
ووجه الوزير شكره، وأعرب عن تقديره لمساندة ودعم الرئيس عبدالفتاح السيسى لحقوق الشعب الفلسطينى فى مختلف المحافل الدولية والمناسبات، مؤكدًا أن الشعب المصرى يؤمن بالقضية الفلسطينية ويعتبرها قضيته الأولى، وهو أبرز مدافع عنها.
■ سمعنا كثيرًا عن التقسيم الزمانى والمكانى الذى تسعى قوات الاحتلال لفرضه على الأراضى المقدسة.. فما المقصود بذلك؟
- التقسيم الزمانى والمكانى فكرة يروجها الاحتلال الإسرائيلى، فالتقسيم المكانى يعنى تقسيم المسجد الأقصى للمسجد القبلى، ومسجد قبة الصخرة، وساحات الصلاة بمحيط المسجد، فالاحتلال يرى أننا نصلى داخل المسجدين، ونحن نأتى إلى الساحات الفارغة ونصلى فيها.
أما التقسيم الزمانى فيقولون لنا أنتم كمسلمين تصلون الفجر فى الساعة الرابعة صباحًا وبين صلاة الفجر والظهر وقت زمنى كبير، ونحن نرغب فى أن نأتى فى الأوقات بين الصلوات الخمس ونصلى نحن، حيث نستغل عدم وجود مصلين من المسلمين، وهم يروجون إلى فكرة أنهم لا يريدون التواجد فى الوقت أو المكان الذى يوجد فيه المسلمون.
■ هل ترون فى ذلك حلًا للقضية؟
- ترى بعض الدول أن هذا الأمر حل للقضية، لكن فى الواقع هذا مسجد ولا يمكن بأى صورة من الصور أن يكون هناك وجود للاحتلال فيه، وإسرائيل تحاول استنساخ الحالة التى أقامتها فى الخليل فى الحرم الإبراهيمى الشريف بالمسجد الأقصى، وهم حاولوا مئات المرات تنفيذ هذا الأمر، لكن دائمًا تكون هناك ردة فعل من أبناء الشعب الفلسطينى، خاصة المقدسيين فى مدينة القدس.
■ دائمًا نسمع عن أعمال الحفر التى يقوم بها الاحتلال فى محيط المسجد الأقصى.. هل أثر ذلك على البنية التحتية للمسجد؟
- يحاول الاحتلال منذ عام ١٩٦٧ أن يجرى حفريات أسفل المسجد الأقصى المبارك حتى يثبت رواية يدعيها زورًا وبهتانًا أن الهيكل المزعوم هنا، وهذه الحفريات موجودة لكنها لم تثبت أى شىء، والحالة التى يحاولون الوصول إليها لن يستطيعوا بالتأكيد، وبلا شك هى تؤثر على البنايات الخاصة بالمسجد، فهناك أعمال حفر مستمرة ليل نهار فى محيط المسجد الأقصى من أجل إثبات ما يؤيد روايتهم الزائفة التى لا وجود لها فى التاريخ.
والشىء المؤسف أن المؤسسات الدولية يجب أن يكون لها دور تجاه هذه المخالفات الإسرائيلية والاعتداءات تجاه المسجد الأقصى.
■ هل ترى أن القضية الفلسطينية ما زالت تتصدر أجندة الدول العربية أم أن الأمر تغير فى الفترة الأخيرة؟
- لا تزال فلسطين عالقة فى أذهان ونفوس جميع الشعوب العربية، وهى المحرك الأول لهم تجاه هذا الاحتلال، لكن الواقع العالمى فى هذه المرحلة نتيجة الظروف التى مر بها العالمان العربى والإسلامى، أثرت على ترتيب القضية الفلسطينية فى الأجندة العالمية، لكن من حيث الشعوب فما زالت متمسكة بالقدس والمسجد الأقصى والمقدسات الفلسطينية.
وعلى مستوى بعض الدول مثل مصر، فهناك عشق لفلسطين والمسجد الأقصى، وكل مواطن مصرى يعتبر القدس قضيته الأولى حتى هذه اللحظة، ولن تتغير هذه الفكرة لدى الشعب المصرى، والذى حسم أمره منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا، وإلى أن تتحرر مدينة القدس سيكون هذا هو الموقف المصرى، وكذلك الحال لكل الشعوب العربية والإسلامية.
ولكن بعد ثورات الربيع العربى، وانهيار بعض الدول العربية فى أجندات تلك الدول تغيرت بالتأكيد، وهذا الأمر أحدث إشكاليات فى تلك الدول، فأصبحت تلك الدول تهتم بأزماتها الداخلية ووضعها الصعب.
■ ما أبرز الطلبات التى تقدمت بها الحكومة الفلسطينية لشيخ الأزهر من أجل تنفيذها الفترة المقبلة؟
- بداية نشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى، على دعمه للشعب والحكومة الفلسطينية، ولن ننسى وقوفه بجانبنا بالمبادرة التى أطلقها لإعادة إعمار غزة، وهى تؤكد وقوف الدولة المصرية مع الشعب الفلسطينى الشقيق، وهذه المبادرة التى عبرت عن أن أبناء الأمتين العربية والإسلامية شعب واحد، وكان لقائى بشيخ الأزهر من منطلق أننا شعب واحد طلبنا العديد من الأمور التى تخص الشأن الدينى فى فلسطين، أولها كان زيادة التعاون بين وزارة الأوقاف، ممثلة للحكومة الفلسطينية مع مشيخة الأزهر.
وهذا التعاون يتمثل فى أن تكون هناك بعثات للدراسات فى الأزهر الشريف، فى مرحلة البكالوريوس وزيادة ذلك فى الماجستير والدكتوراه، وقد أبدى فضيلة الإمام موافقة فورية على هذا الأمر.
علاوة على ذلك طرح فضيلة الإمام فكرة أن تكون هناك بعثات للأئمة الفلسطينيين فى أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة؛ لأنها تعتبر إحدى أهم الأكاديميات على المستوى العالمى فى عملية التنشيط والتطوير للدعاة، ونأمل أن تكون هذه الحالة الأزهرية مستنسخة فى الحالة الفلسطينية، لأن الرؤية الأزهرية أثبتت على مدى التاريخ الكبير أنها الرؤية والطريقة الأمثل والأفضل والأجدر، فى عملية نشر الفكر الإسلامى بعيدًا عن الغلو والتطرف، وبعيدًا عن المغالاة وقد تقبلها فضيلة الإمام الأكبر.
وأيضًا اقترحنا زيادة البعثات التعليمية والإمام الأكبر سمح لنا أن تكون تلك البعثات تشمل جميع تخصصات الشأن الدينى وغيرها من التخصصات الأخرى مثل الطب والهندسة، وسائر الأمور الأخرى التى تقوم على تدريسها جامعة الأزهر.
■ طلبتم من الأزهر الشريف التوسع فى إنشاء المعاهد الأزهرية فى فلسطين.. فما المناطق التى من المقرر أن تخدمها هذه المعاهد مستقبلًا؟
- بالفعل تقدمنا بطلب إلى شيخ الأزهر بزيادة عدد المعاهد الأزهرية فى فلسطين، ونحن لدينا ٦ معاهد فى قطاع غزة، ونأمل التوسع فى تلك المعاهد لتشمل الضفة الغربية، حيث تقدمنا قبل ثلاثة أعوام إلى فضيلة الإمام الأكبر بطلب لزيادة عدد المعاهد وقد استجاب شيخ الأزهر لهذا الطلب فى ذلك الوقت، وتم افتتاح معهد أزهرى فى الخليل وفى اللقاء الأخير مع شيخ الأزهر تقدمنا بطلب لزيادة المعاهد الأزهرية فى منطقة الخليل؛ لتصبح ثلاثة معاهد بدلًا من معهد واحد، ووافق فضيلة الإمام على ذلك.
وهذه المعاهد سيكون أحدها بجوار القدس والمسجد الأقصى المبارك، وبالتحديد فى منطقة «العيزرية» وستكون المسافة بين هذا المعهد والمسجد الأقصى المبارك لا تزيد على ٨٠٠ متر فقط، كما سيكون هناك معهد آخر فى الشمال الفلسطينى، حيث من المقرر أن يكون فى مدينة «نابلس»، والإمام الأكبر وافق على الفور على هذه الطلبات.
كما وافق شيخ الأزهر على أن يدعم هذه المعاهد ببعض من علماء ومدرسى الأزهر الشريف، حتى يكون لهم دور فى إدارة تلك المعاهد.
ونحن نرغب فى استنساخ الفكر الأزهرى لدينا، ونعتبر أن فلسطين، هى بالنسبة لـ مصر شقيقة صغرى، فتسعى مصر دائمًا لأن تحميها وترعاها وأن تقدم لها جميع أوجه التعاون.
كما تحدثنا عن قضية أن تكون هناك إعادة إحياء للفكرة التى كانت موجودة فى وقت سابق فى فلسطين قبل سقوطها فى قبضة الاحتلال، حيث كانت تأتى بعثات أزهرية إلى فلسطين، للتدريس وتلاوة القرآن وغيرهما من الأنشطة الدينية، مثل إمامة الناس فى صلاة التراويح، وذلك لأن الأزهر لديه ذخيرة كبيرة من العلماء، سواء على مستوى الإرشاد أو الدعوة أو الوعظ، أو على سبيل القراءات، ونحن نطمح أن يكون من هؤلاء القراء فى العام المقبل فى فلسطين حتى يطلع الناس على هذه الفكرة، وحتى يكون هناك تواصل عن الفكرة التى نحملها عن الأزهر.
■ ما أبرز القضايا والملفات التى ناقشتموها مع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة؟
- الحقيقة أن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصرى، تربطنى به علاقة أخوة وصداقة كوزيرين للأوقاف ونحن نتبادل الرؤى والمواقف حول ضرورة تنشيط العمل فيما يتعلق بوزارتى الأوقاف فى فلسطين ومصر، مع التأكيد على أن مصر لديها وزارة أوقاف مصرية لها تاريخ كبير، وهذا ما يجعلنا نؤكد أن الخبرة والرأى المصرى فى غاية الأهمية.
ونحن نرى أن وزارة الأوقاف المصرية هى أخ كبير لوزارة الأوقاف فى فلسطين، وتم الاتفاق مع الدكتور جمعة على عدد من الأمور، ربما يكون أبرزها هى تنشيط العمل بين وزارتى الأوقاف الفلسطينية والمصرية، بجانب العمل على تطوير أداء الأئمة فى فلسطين، وسيتم بعد عيد الأضحى إرسال قائمة من قِبلنا إلى وزارة الأوقاف المصرية تضم عددًا من الأئمة والوعاظ والواعظات أيضًا من فلسطين، ليتلقوا دورات تدريبية فى أكاديمية تدريب الدعاة التابعة لوزارة الأوقاف المصرية للمرة الأولى.
■ما كواليس لقاء وفد الحكومة الفلسطينية مع شيخ الأزهر الأسبوع الماضى؟
خلال الفترة المقبلة ستكون هناك متابعة لما أسفر عنه لقاء الوفد الحكومى الفلسطينى بقيادة رئيس الوزراء مع شيخ الأزهر على هامش زيارتنا إلى مصر، ومخرجات هذا اللقاء كانت قوية بفضل وجود الشخصية الأولى فى الحكومة الفلسطينية وهو رئيس الوزراء، وتم طرح عدد من القضايا التى تهم الشأن الدينى فى فلسطين، حيث طرح رئيس الوزراء الموقف السياسى الفلسطينى والمأمول السياسى من فضيلة الإمام الأكبر، وكان هناك توافق كامل بين رئيس الوزراء وشيخ الأزهر فيما يتعلق بوضع القدس والشأن الفلسطينى والأطروحات التى تتبناها القيادة السياسية.