فؤاد زويريق: هكذا روجت الدراما المصرية للأماكن الأثرية في مصر والدول العربية
فؤاد زويريق الناقد الفني المغربي، لفت إلى دور الدراما المصرية خلال الموسم الرمضاني المنصرم في الترويج للأماكن الأثرية، ليس في مصر وحدها بل بعض الدول العربية.
وقال زويريق" في منشور له عبر حسابه بـ"الفيسبوك": كيف روج مسلسل ''تحت الوصاية'' لمدينة دمياط، انتهى الموسم الدرامي مؤخرًا، وانتهت معه أحداثه ونقاشاته الصاخبة، وغادرتنا شخصياته، وبانتهائه عدنا إلى عاداتنا وروتيننا اليومي، لكن هناك شيء لم يغادرنا بعد، ولن يغادرنا أبدًا وهو حلاوة الفضاءات وجمال الأمكنة التي احتفت بها بعض المسلسلات العربية وجعلتها أيقونة في أحداثها، الجميل والملاحظ هذه السنة ان الكثير من المسلسلات المصرية صورت متعمدة فضاءات سياحية متعدد ومختلفة داخل مصر، سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو الأقصر أو غيرها من المدن، وهذا مطلوب لتحريك السياحة الداخلية والخارجية، العربية بالخصوص، وهي مواقع أثرية وشعبية معروفة، بعض الأعمال اعتمدت عليها بذكاء في سياقها الدرامي، وبعضها صورها بشكل إعلاني واضح، المسلسلات المصرية لم تكتف بالفضاءات المصرية هذا الموسم، بل سافر بعضها إلى دول أخرى حيث صُورت أحداثها داخل لبنان التي كان جمال أمكنتها حاضرا فيها بقوة.
تأثير الدراما على ترويج السياحة ضروري
ولفت “زويريق”: "كما قلت مادام للدراما المصرية تأثير وانتشار في الوطن العربي فترويجها للأماكن الأثرية وغير الأثرية مطلوب، بل ضروري وإلا فسيكون من السذاجة بما كان عدم استغلال هذه المناسبة وهذه الأعمال كأداة سياحية، فتأثيرها على الجمهور يكون أقوى وأشد من الإعلانات التقليدية ومن الأفلام التسجيلية أيضًا، وهذا جاري به العمل في العالم كله، فلا ننسى فيلم "سيّد الخواتم" وكيف نهض بشكل رهيب بالسياحة في نيوزلندا، أو فيلم "لعبة العروش" وكيف جلب عدد مهول من السياح الى آيسلندا، وكذا سلسلة "هاري بوتر" في بريطانيا وغيرها من الأعمال التي لاقت نجاحًا عالميًا كبيرًا، بل حتى مواقع التصوير والاستوديوهات التي صورت فيها أعمال مشهورة استغلت سياحيًا، وهذا ما يسمى بالسينما السياحية ولا أعرف إن كان من الممكن أيضا استخدام نفس المصطلح للتعبير به عن مثل هذه الدراما باعتبارها ''دراما سياحية''.
تحت الوصاية لفت الأنظار إلى دمياط
وأردف “زويريق”: “كل هذا عادي جدا ولا جديد فيه، لكن ما أثار استغرابي شخصيًا أن المكان الذي ظهر هذه السنة في مسلسل من المسلسلات وعرف إقبالًا سياحيًا كبيرًا على غير العادة هو مدينة دمياط التي جرت فيها أحداث مسلسل ''تحت الوصاية'' فقد صادفتُ الكثير من الناس على الشبكات الاجتماعية والمواقع السياحية ينشرون صورهم وهم في أماكن تصوير المسلسل ويتحدثون عن زيارتهم لها ولدمياط ككل، وهنا لا بد أن نحيي صناع هذا المسلسل الذين اختاروا أماكن من مدينة غير معتادة التداول في الأعمال المصرية، أنا بنفسي كمغربي لم أكن أعرفها ولم أسمع بها إلا في هذا المسلسل حتى أني فكرت في الذهاب اليها في زيارتي القادمة إلى مصر، أماكن حقيقية واقعية بعيدة عن المواقع السياحية والأثرية، ومع ذلك جذبت الناس إليها وجعلتهم يعشقونها من المسلسل، وهنا يكمن تأثير الصورة على الجمهور، واستغلالها بذكاء يفرق كثيرًا، فصناعه جعلوها بطلا من أبطال العمل وعنصرًا مهما في التأثير على مجريات الأحداث، لم يهمشوها بل استغلوها كبنية تحتية للسرد وجزء مهم من تفاصيل الشخصيات”.
عزبة البرج اشتهرت بفضل عمل درامي
وأوضح “زويريق”: ومن هنا وجدنا أنفسنا كجمهور داخلها، فعزبة البرج في دمياط اشتهرت بفضل عمل درامي صيغ بحرفية وإبداع، ونجاحه أنجح معه السياحة في دمياط، قد يكون الأمر مؤقتًا لكن هو حافز للتعريف مستقبلًا بالأماكن الخفية الذي لا يعرفها الناس خارج مصر، الناس ذهبوا إلى مينائها وبحثوا عن مزاد الأسماك فيه، وعن مصنع الثلج، وعن مراكب الصيد التي ظهرت في المشاهد، وعن ورش التصنيع وعن الدروب، والأزقة الشعبية.
كلها أماكن عادية قد توجد في أية مدينة سياحية أخرى، لكن غير العادي هو أن هناك عمل فني صور هذه الأماكن بإبداع ولغة بصرية جذابة، والأهم أنها مسرح لكل الأحداث الذي عاشها المُشاهد مع الشخصيات وأثرت فيه وفي مشاعره، فارتباطه بها ارتباط عاطفي فكما ارتبط بشخصيات العمل ارتبط أيضًا بفضاءاته.