شيخ الأزهر: الأصل في اهتمام الشرع بالمرأة مكانة الأسرة في الإسلام ومنزلتها المقدسة في شريعته
واصل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، خلال حلقة اليوم من برنامجه الإمام الطيب، حديثه عن مكانة المرأة في تشريعات الإسلام، من حيث مكانتها وحقوقها ومساواتها بالرجل، مستشهدا على ذلك بالنصوص من الكتاب والسنة النبوية.
مكانة الأسرة في الإسلام مقدسة
وأضاف شيخ الأزهر: تبين أن ضغوط العادات والتقاليد أثرت في فهم البعض لهذه النصوص وضللتهم عن مقاصدها وغاياتها وأ أعداء الإسلام أخذوا من هذه الفهم المعوج ما يشبه المطاعن التي لا تزال تتردد على المسامع حتى يومنا هذا، واليوم نبين أن اهتمام التشريع الإسلامي بالمرأة والتحذير من إهانتها وسلبها حقها هو فرع ينبي على أصل، هو مكانة الإسرة في الإسلام ومنزلتها المقدسة في شريعته وأحكامه التي حمى بها صرح الإسرة والأعمدة التي ينبي عليها الصرح وفي مقدمتها الزوج والزوج، وما عسى أن يكون بينهما من أطفال وأبناء وما يتعلق بهما من حقوق وواجبات، يتمحور كلها على مبادئ الرحمة والمودة ن جانب، والمساواة والعدل والاحترام المتبادل من جانب أخر.
وأوضح شيخ الأزهر: جدير بالانتباه أن الأسرة وإن كانت قد حظيت بجانب من الاهتمام في الشرائع السابقة إلا أنها حظيت في القرآن الكريم وشريعته بما لم تحظ بمثله من قبل، وأول ما يلاحظ من شأن الأسرة في شريعة الإسلام هو توصيف الأسرة في القرآن الكريم وأنها تتكون من رجل زوج وامرأة زوجة، وأنها التجسيد البشري لخلافة الإنسان عن الله في الأرض، وأنها الضامن لاستمرار هذه الخلافة بما تنشره من تكاثر النوع الإنساني وبقاءه، وأنها أول ما افتتح به هذا الكون وهي سر بقائه واستمراره وأنها أول من توجهت إليه الأوامر والنواهي الإلهية في خطاب إلهي مباشر وأن موطنها الأصلي كان في الجنة ثم أهبطت إلى الأرض لحكمة الاستخلاف الإلهي.
وواصل شيخ الأزهر: مما يلاحظ في هذا الأمر أن الله حين قضى على البشرية أن تهلك بالطوفان في عهد سيدنا نوح عليه السلام، وبعد ما شاع فيها الفساد وضاع فيهم العدل، وبعدما شكي نوح عليه السلام لربه قله المؤمنين به رغم العناء في الدعوة إلى الايمان بالله لمدة 950 سنة، فقال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا(5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارً، ثُمَّ إِنِّي دعوتهم جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا، حيث ذاك أوحى الله إليه: وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ، وأمره بصنع سفينة تحمل القلة القليلة المؤمنة من قومها، وحين ظهور العلامة التي نصبها الله تعالي لاقتراب حلول العذاب، أمره أن يحمل في سفينتها من كل أنواع الكائنات الحية أسرة تتكون من زوجين ذكر وأنثي، لتكون نواه البشرية الجديدة وضامنة بقائها في الطور الثاني التي يمثل فيه نوح الأب الثاني للبشرية في طورها الثاني كما كانت الأسرة في الطور الأول الثي كان فيها آدم عليه السلام الأب الأول للبشرية.
وأكد شيخ الأزهر، أنه ليس مصادفة أو عبث معاذ الله أن يبدأ الله تعالي سلسلة بني الانسان في الطور الأول من البشرية بالأسرة وأيضا يبدأ الطور الثاني من البشرية بالأسرة، بل في ذلك في درس بالغ لخطر الاسرة المكونة من ذكر وأنثي، متابعًا: أن الله تعالي أقام نظام الكون والوجود كله علي أنموذج الأسرة وامتزاجها في إطار الذكورة والأنوثة، قائلًا: أن أي بعث يخرج بالأسرة من الطور الإلهي المكون من الذكر والأنثى إنما هو عبث بالنظام الكوني كله.