حدث في رمضان.. معركة بلاط الشهداء في ثاني أيام الشهر الكريم
معركة بلاط الشهداء، نشبت معركة بلاط الشهداء فى جنوب فرنسا بين المسلمين بقيادة والى الأندلس عبد الرحمن الغافقى ضد قوات الفرنجة والبورجنديين بقيادة شارل مارتل والتي بدأت في اليوم الثاني من رمضان عام 114هـ والموافق10 أكتوبر عام 732م.
بلاط الشهداء
قصة معركة بلاط الشهداء
ودارت معركة بلاط الشهداء في مكان يقع بين مدينتى بواتييه وتور الفرنسيتين، بالقرب من نهر اللوار على بعد 80 كيلو متر من باريس، وكانت بين قوات مسلمين تحت لواء الدولة الأموية، بقيادة والى الأندلس عبد الرحمن الغافقى من جهة، وقوات الفرنجة والبورغنديين بقيادة شارل مارتل من جهة أخرى، وانتهت بانتصار قوات الفرنجة وانسحاب جيش المسلمين بعد مقتل قائده عبد الرحمن الغافقي، بدأت أحداث المعركة بعد رغبة المسلمين فى مواصلة الفتوحات، وبدأت التخطيطات لفتح إسبانيا وفرنسا تمهيدا لفتح القسطنطينية.
موقع معركة بلاط الشهداء
المصادر الإسلامية أطلقت على المعركة اسم "بلاط الشهداء" لكثرة من استشهد فيها من المسلمين ويقدر عددهم بعشرة آلاف، والبلاط إما نسبة إلى الطريق المرصوف الذى جرت المعركة عنده، وإما نسبة إلى التبالط بالسيوف.
معركة بلاط الشهداء
وآثار استقرار المسلمين في بلاد الأندلس فزع أوروبا، فانطلق صريخ البابا في روما إلى أبرز رجال أوروبا آنذاك، إمبراطور المملكة الإفرنجية الكارلونجية كارل مارتل، والذى تسميه مؤلفات التاريخ الأوروبية "شارل مارتل"، وكلمة مارتل تعنى "المطرقة"، أما ثاني هذين الرجلين الذي وصله صريخ البابا، فهو الدوق أودو ملك مقاطعة أُكتانية التي تمتد من جبال ألبرت على الحدود الإسبانية الفرنسية إلى نهر اللوار داخل العُمق الفرنسي، والذي كان يُكن العداء للمسلمين ووجودهم في إسبانيا، ولا يكف عن دعم فلول الجيوش القوطية للإغارة على المسلمين في الأندلس.
وإزاء هذا الدعم من الدوق أودو لجيوش القوط، ودعمه لتكوين مملكة لمحاربة المسلمين، اضطر والى الأندلس السمح بن مالك الخولاني لتجهيز جيش كبير لمحاربة هؤلاء القوط وتأديب هذا الدوق، فانطلق جيش المسلمين من قرطبة شمالًا حتى وصل إلى جبال ألبرت، وهزم تلك الفلول، واجتاح مناطق الجنوب الفرنسي مثل سبتمانيا وأكتانية، لكن الجيش الإسلامي تعرض لهزيمة كبرى في أكتانية من قبل أودو، وسقط الخولانى شهيدا في يوم عرفة عام 102هـ/ 721م عند مدينة "تولوز" أو"طولوشة"، كما هو اسمها في المصادر العربية.
بطولة عبد الرحمن الغافقي
وإزاء تلك الهزيمة عاد القائد عبد الرحمن الغافقي بما تبقى من جيوش المسلمين إلى قرطبة، وخلال 12 عامًا اكتفى ولاة الأندلس بتأمين حدود بلادهم، ولم يتوغلوا داخل الحدود الفرنسية، لكن انتصار أودو جعله أكثر جرأة على مهاجمة الأندلس والإغارة على المدن الحدودية وقتل الناس، ونسف الزروع، ومساعدة القوط.
لكن هذا الأمر لم يعد مقبولًا من القائد عبد الرحمن الغافقي الذي انسحب من الجيش في تولوز، والذي أصبح واليًا على الأندلس عام 113هـ/ 731م، فانطلق في جيش ضخم لتأديب أودو، مدفوعًا بالثأر من هزيمة تولوز.
واستطاع الغافقى أن يجتاح كامل مملكة أودو حتى وصل إلى ليون، وفر أودو إلى خصمه شارل مارتل يطلب النجدة والعون، وأصبح المسلمون على بعد 80كم من باريس عند مدينتي "تور" و"بواتييه".
وهنا أصبح المسلمون وجها لوجه مع إمبراطور الإفرنج شارل مارتل، والذي تلقى وعودًا من البابا بأن يصير الملك المقدم على ملوك أوروبا والنصرانية، وبالفعل احتشدت أوروبا، وتكون جيش كبير من المتطوعين، وآخر من المرتزقة الجرمان والسكسون الذين توشحوا بفرو الذئاب، وحدثت الموقعة يوم في العاشر من أكتوبر عام 732م الموافق لشهر رمضان عام 114 بين مدينتى "تور وبواتييه".
أحداث معركة بلاط الشهداء
التقى الجيشان: خمسون ألفا من المسلمين أمام أربعمائة ألف، من المحاربين والمرتزقة والفرنجة والهمج القادمين من الشمال، وأمراء وعامة وعبيد، واندلع القتال بين الجيشين لمدة تسعة أيام لا غالب ولا مغلوب. وفى اليوم العاشر نشبت معركة هائلة، حتى بدأ الإعياء على الفرنجة ولاحت تباشير النصر للمسلمين، ولكن حدث أن اخترقت فرقة من فرسان العدو إلى خلف صفوف المسلمين، حيث معسكر الغنائم، وهو ما أدى إلى خلل فى النظام، واضطراب صفوف المسلمين، واتساع فى الثغرة التى نفذ منها الفرنجة.
أحداث معركة بلاط الشهداء
وحاول الغافقى أن يعيد النظام ويمسك بزمام الأمور ويرد الحماس إلى نفوس جنده، لكن الموت لم يسعفه بعد أن أصابه سهم غادر أودى بحياته فسقط شهيدا فى الميدان، وحدث الانسحاب لينتصر جيش مارتل. أحاط المؤرخون الأوربيون معركة بلاط الشهداء باهتمام مبالغ، وجعلوها معركة فاصلة، فيقول إدوارد جيبون فى كتاب «اضمحلال الإمبراطورية الرومانية» عن هذه المعركة: «إنها أنقذت آباءنا البريطانيين وجيراننا الفرنسيين من نير القرآن المدنى والدينى، وحفظت جلال روما، وشدت أزر المسيحية».
وقُتل من المسلمين ما يقارب 15000 شهيد، حتى سُميت تلك الموقعة بـ"بلاط الشهداء"، وعاد المسلمون أدراجهم تارة أخرى إلى قرطبة.
معركة بلاط الشهداء
بلاط الشهداء في المصادر التاريخية
صُنفت موقعة "بواتييه" أو "تور" أو "بلاط الشهداء" كأحد أكبر 7 معارك فاصلة بين الإسلام والمسيحية، ويرى مؤرخو الغرب أنها حافظت على المسيحية من الزوال، حيث يقول المستشرق إدوارد جيبون: " لولا انتصار شارل مارتل في بواتييه لكان القرآن يدرس في أكسفورد والسوروبون".
أما المؤرخ البلجيكي جودفروا كورث، الذي كتب عن المعركة قائلًا: "يجب أن تظل هذه المعركة واحدة من أهم الأحداث الكبرى في تاريخ العالم، لأنها حددت ما إذا كانت الحضارة المسيحية ستستمر أم سيسود الإسلام جميع أنحاء أوروبا".