حرب أوكرانيا الثانية عبدالحليم قنديل
بعد أيام ، تدخل حرب أوكرانيا عامها الثانى ، وربما من نفس النمطة التى بدأ عندها العام األول ، أى من إلليم "الدونباس" الصناعى الزاخر بالمناجم ، ويضم مماطعتى "دونيتسن" و"لوجانسن" المتداخلتين ، ولد أعلن حلفاء روسيا األوكران استماللهما عام 4102 ، ودارت حرب محلية طاحنة مع الجيش األوكرانى وسلطة "كييؾ" ، استردت فيها "كييؾ" عددا من المدن ، ونملت عاصمة "دونيتسن" من المدينة المعروفة باالسم نفسه إلى "كراماتورسن" ؼربا ، وتدخلت فرنسا وألمانيا بالنيابة عن المعسكر الؽربى ، وتواصلت مع "موسكو" و"كييؾ" بحثا عن تسوية ، الحت فرصها باجتماع الربيس الروسى "فالديمير بوتين مع الربيس األوكرانى ولتها "بيترو بوروشينكو" ، على هامش احتفاالت الذكرى السبعين إلنزال الموات األمريكية على شاطا "نورماندى" الفرنسية فى الحرب العالمية الثانية ، وولدت "صيؽة نورماندى" التى توصلت فى "بيالروسيا" إلى ما يعرؾ باسم "اتفاق مينسن ـ 4 ، "الذى منح صيؽة مطورة للحكم الذاتى فى "دونيتسن" و"لوجانسن" الناطمتين ؼالبا باللؽة الروسية ، وأعالت سلطة "كييؾ" تنفيذ االتفاق لسنوات ، زاد فيها ؼضب "بوتين" ، وإلى أن أعلن اعترافه الرسمى بجمهوريتى "الدونباس" فى 40 فبراير 4144 ، وألدم بعدها على ما تسميه روسيا عمليتها العسكرية الخاصة ، التى أضافت مماطعتى "خيرسون" و"زاباروجيا" إلى لابمة األهداؾ المباشرة ، وأعلنت ضم المماطعات األربع إلى روسيا أواخر سبتمبر 4144 ، وتعرضت النتكاسات ميدان فى الخريؾ ، أعادت بعدها تنظيم لواتها على خط الجبهة الممتد أللؾ كيلومتر شرق نهر "الدنيبرو" . وفى الشتاء الذى تتجمد ثلوجه اليوم ، استعادت الموات الروسية زمام المبادرة ، خصوصا بعد إعالن تعببة جزبية ، زادت عديد لوات موسكو والحلفاء إلى نحو نصؾ مليون جندى ، ولجؤت إلى عمليات لتال متمهلة ، تمدمت فيها مترا فمتر ، وراحت تمضم لرى وبلدات ومدن صؽيرة ، أؼلبها حول مدينة "باخموت" ، وعلى خط "كراسنى ليمان" إلى "كوبيانسن" فى مماطعة "خاركيؾ" ، وصارت السيطرة على "باخموت" مسؤلة ولت عابر ، فى حين تستمسن بها "كييؾ" ، ويطلك عليها الربيس األوكرانى "فولوديمير زيلينسكى" صفة "الحصن المنيع" ، بينما تدور داخلها حرب شوارع طاحنة ، ويسمط المتلى 2 األوكران فى "مفرمة لحم" رهيبة ، وتتملص طرق اإلمداد ، وتبدو الكفة أرجح لصالح "جماعة فاجنر" المحاربة مع الموات الروسية ، التى تعتبر االستيالء على "باخموت" مفتاحا للتمدم إلى "سالفيانسن" و"كراماتورسن" ، وإكمال السيطرة على "الدونباس" تماما ، فيما يعتمد أنه الهدؾ األول للحرب الثانية وللهجوم الروسى الكثيؾ المنتظر ، الذى لد يبدأ مباشرة بعد خطاب "بوتين" فى الذكرى األولى إلطالق المتال الروسى فى أوكرانيا ، ولد شابه اإلضطراب والتشوش فى البداية ، واعتمد على لوات ؼير كافية ، وذهب إلى ضواحى "كييؾ" ، ثم عاد منها ، بعد مفاوضات جرت فى "اسطنبول" التركية أبريل 4144 ، انتهت ولتها إلى شبه اتفاق ، بدا مشجعا لموسكو ، وركز على تعهد أوكرانيا بالحياد وعدم االنضمام لحلؾ شمال األطلنطى "الناتو" ، وتناسى لضية "شبه جزيرة المرم" ، التى ضمتها روسيا بهجوم خاطؾ فى فبراير 4102 ، لكن "كييؾ" تراجعت عن االتفاق بسرعة تحت ضؽط واشنطن ، التى أؼراها انسحاب الروس من حول "كييؾ" ، ولررت المفز إلى هدؾ "إضعاؾ روسيا" وهزيمتها ، بمداومة الحرب "حتى آخر جندى أوكرانى" ، وتحويل المعركة من حرب ذات طابع عالمى ظاهر ، إلى حرب عالمية اخترلت كل الخطوط الحمراء دون المستوى النووى ، وهو ما لاد إلى تؽير محسوس فى التصور الروسى ، جوهره أن التفاوض لم يعد واردا ، وأن "كسب السلم" لم يعد ممكنا بؽير "كسب الحرب" ، والتحول من التمدم العسكرى الروسى الجزبى إلى الحسم الكامل ، وبما لد يتجاوز حدود ضم المماطعات األربع ، مع نمل ليادة العملية إلى الجنرال "فاليرى جيراسيموؾ" لابد األركان الروسية نفسه . وهكذا يدخل الصدام دورته الثانية ، ولد انمشعت سحابات األوهام كلها ، ولم يعد الكسب الروسى المحتمل للحرب هزيمة ألوكرانيا وحدها ، بل هزيمة لواشنطن و"الناتو" والؽرب كله ، وهو ما يفسر اندفاع أمريكا إلى آخر الشوط ، وليادتها لتحالؾ الخمسين دولة فى جماعة "رامشتاين" ، التى عمدت أطرافها األطلنطية اجتماعا لبل أيام فى "بروكسل" ، واتفمت على مواصلة دعم أوكرانيا إلى آخر طلمة ، بعد أن أعلن "بوتين" استعداده لحرب تدوم لسنوات ، وبعد أن تحول الصدام الدامى إلى حرب استنزاؾ صريحة متبادلة ، ال إلى حرب استنزاؾ لروسيا وحدها كما رؼبت واشنطن ، فمد تؤثر االلتصاد الروسى بترسانة 01 ألؾ عموبة ؼربية ، ولكن فى حدود اإلعالة ممكنة االحتمال ، ال إلى ؼايات اإلنهان التى تصورتها واشنطن وحلفاإها ، ولسبب ظاهر ، هو مرونة التحرن الروسى فى استبدال أسواق الطالة ، وتعويض نمص االستيراد 3 األوروبى للؽاز الروسى بؤسواق أخرى ، أهمها أسواق الصين والهند وؼيرها ، تماما كما جرى تجاوز عموبات "تسميؾ" أسعار البترول والؽاز الروسى بطرق متعددة ، والمحصلة المربية ، أن عوابد الطالة الروسية لم تتؤثر إال على نحو هامشى ، أضؾ إلى ذلن ، تطور عاللات االلتصاد ، وربما السالح ، بين بكين وموسكو إلى تحالؾ منظور ، لفزا من "عاللة بال حدود" ، جرى االتفاق عليها بين "بوتين" والربيس الصينى "شى جين بينج" فى لماء شهير ، جرى فى بكين لبل عشرين يوما من بدء روسيا لعمليتها العسكرية فى 42 فبراير 4144 ، ثم جاء السلون األمريكى باندفاعه األعمى ، ولرنه لحصار روسيا باستفزاز الصين ، من زيارات "تايوان" إلى إسماط "المنطاد الصينى" ، وفرض عموبات أمريكية على شركات التكنولوجيا الصينية ، وؼيرها من صور التنافس المحموم على نفوذ عالمى فى أفريميا والمنطمة العربية والشرق أوسطية وؼيرها ، جاءت كل االستفزازات والتنافسات ، وؼيرها من مساعى أمريكا لحصار الصين عسكريا فى شرق آسيا والمحيط الهادئ ، وأدت كل هذه التطورات للمفارلة إلى خلك ميادين حركة أوسع لموسكو ، جعلت أحالم أمريكا بعزلها نوعا من األوهام ، ومن فوابض "حالوة روح" الثيران فى أوان الذبح ، وبما جعل االلتصاد الروسى متوسط الحجم فى حال ارتياح ملحوظ ، مكنه من تدبير موارد مضافة ، وتعويض حظر التكنولوجيا الؽربية بتكنولوجيا صينية ، وبزيادة التبادل التجارى مع الصين إلى أرلام مضاعفة ، جرى مثلها مع دول أخرى على خرابط المعمورة ، وتمدمت جماعة "بريكس" االلتصادية إلى آفاق أرحب ، تستعد التصادات بارزة لالنضمام إليها ، وإلى دعم خطط موسكو وبكين فى الحرب ضد تحكم الدوالر وشميمه "اليورو" فى تعامالت التجارة وسبالات أوراق النمد ، وهو ما شجع موسكو على إلؽاء "اليورو" ـ بعد "الدوالر" ـ من احتياطيات صندولها االستثمارى ، وزاد من عزمها الرد بعموبات مضادة ، ألهبت جراح التصادات أوروبا المتحالفة التابعة لواشنطن ، وحولت سالح العموبات الؽربية المفرطة إلى طلمات مرتدة لصدر أصحابها ، وهو ما لد يمتد إلى ما يلى من عموبات ، من نوع سرلة األصول الروسية المالية المجمدة عند أمريكا والحلفاء األوروبيين ، البالؽة مايفوق 011 مليار دوالر ، ولدى موسكو إمكانية الرد الفورى عليها ، عبر تؤميم أصول ومنشآت شركات كبرى أوروبية وأمريكية على أراضيها ، تبلػ ليمتها ما يساوى ويزيد على أصول البنن المركزى الروسى المجمدة فى الؽرب ، والمعنى بعد ذلن كله ، أن ممدرة روسيا على تمويل حربها فى أوكرانيا ، لم تتؤثر كثيرا ، بينما تبدو عوارض االستنزاؾ بادية